20 ديسمبر، 2021

الجهاد ضد اليسار



 يومًا ما كتب المفكر دكتور طارق حجي ولم يكذبه أحد: منذ قرابة ٢٥ سنة دعاني الدكتور خيري سمرة عميد كلية طب قصر العيني لعشاء ضيق ببيته، وكان دكتور خيري وكاتب هذه السطور هما الوحيدين الذي يذهب البابا شنودة للعشاء ببيتهما. 

يومها كان الحاضرون هم البابا شنودة والأمير طلال شقيق الملك الحالي (الملك سلمان) والسيد كمال أدهم، والذى هو من جهة شقيق عفت زوجة الملك فيصل (ملك السعودية) ومن جهة أخرى فهو كان رئيس المخابرات السعودية عندما أصبح أنور السادات رئيسًا لمصر في أكتوبر ١٩٧٠. 
يومها سألت كمال أدهم: هل كان للسعودية أي دور في حالة الأخونة والهوس الديني التى ضربت المجتمع المصري مع تولي السادات رئاسة مصر؟ 
فقال لي: بتنسيق ما بين ثلاثة أطراف هى المخابرات الأمريكية والمخابرات السعودية التى كنت وقتئذ رئيسها والرئيس السادات وضعنا ونفذنا خطة دفع المجتمع المصري للحالة الدينية (الإسلامية) التى شاعت في مصر وقتها وكان من أشد مؤيديها شيخ الجامع الكبير وعثمان أحمد عثمان وعدد من الإعلاميين كان على رأسهم أحمد فراج الذى استقدم من السعودية الشيخ الشهير ليكون رأس حربة هذا المشروع. 
وأضاف: وقد استبسل بعض المحافظين في خدمة هذا المشروع وكان أهمهم محافظ أسيوط محمد عثمان الذى وضع خطة معادية لليساريين وللأقباط، وهى الخطة التى نالت إعجاب أنور السادات وكانت تقوم على تأسيس أكبر عدد من المعاهد الأزهرية وفتح المجال أمام الإخوان والجماعات في الكليات والمعاهد العليا واستخدامهم للتصادم مع الطلبة اليساريين والناصريين والأقباط. 
وختم كمال أدهم حديثه بقوله: وقد فعلنا نفس الشيء في الجزائر وكان رجلنا الأهم مصريًا وهو الشيخ الذى أفتى بعد ذلك بقتل المفكر المصري فرج فودة !!!
الكلام تأكد في السنوات الاخيرة ومن مدونة الأستاذ محمود حسنى رضوان الباحث المتميز في شئون الجماعة الإرهابية نقرأ المزيد:
في ٢٢ مارس ٢٠١٨ أدلى الأمير محمد بن سلمان بحديث خطير لجريدة الواشنطن بوست الأمريكية، كشف فيه المستور وفضح أكذوبة ما سماه السلفيون "الصحوة الإسلامية"، واعترف بأن نشر السعودية للوهابية لم يكن خالصا لوجه الله، وإنما كان استجابة لمطلب أمريكى وتوظيفا للإسلام لخدمة المصالح الأمريكية !! (نص الحديث باللغة الإنجليزية موجود على جوجل) وقال بن سلمان إن هذا كان نتيجة لصفقة سياسية أبرمتها أمريكا مع كل من السعودية ومصر وباكستان، وأن تسويق هذا الفكر الدينى المتشدد كان فقط لخدمة المعركة ضد الاتحاد السوفيتي !!
كان هذا التصريح فضيحة بجلاجل.. وقد علقت الواشنطن بوست على هذه الفضيحة بالقول: "لقد تأكد الآن أن نشر الوهابية لم يكن سوى أداة من أدوات الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي، وأن كل هذه المصاحف، وتلك المساجد، وأغطية الرؤوس والدقون والجلاليب القصيرة.... إلخ.. كل هذا لم يكن في الحقيقة سوى مكياچ وأزياء تنكرية وإكسسوارات للدور المطلوب تمثيله في فيلم الحرب الباردة !! وأن الشعوب الإسلامية كانت ألعوبة في لعبة سياسية قذرة ليس لها علاقة بالإسلام !!
بدأت القصة في ٢٧ ديسمبر ١٩٧٩ عندما أقر مجلس الأمن القومي الأمريكي خطة بعنوان "الجهاد في أفغانستان ضد الإلحاد" كتبها "بريجنسكى" مستشار الرئيس چيمى كارتر لشئون الأمن القومي.. وعلى الفور بدأ بريجنسكى جولة في الشرق الأوسط لإقناع قادة الدول الإسلامية بخطته.. بدأ بريجنسكى جولته بزيارة سرية للقاهرة في ٣ يناير ١٩٨٠ حيث قابل أنور السادات، ثم قابل الملك خالد في جدة بالسعودية في ٤ يناير، ثم قابل الرئيس ضياء الحق في إسلام أباد بباكستان في ٥ يناير.. ويقول محمد حسنين هيكل في كتابه "الحروب غير المقدسة" ص٣١: إن بريجنسكى دعا هذه الدول للقيام بدور قيادى في الحرب ضد الاتحاد السوفيتى "الملحد" الذى غزا دولة إسلامية، وكان بريجنسكى يحمل معه خطة تفصيلية حدد فيها بدقة دور كل دولة في تلك الحرب، فهناك مثلا من يقوم بالتمويل المالى، وهناك من يقوم بالتعبئة وتدريب المقاتلين... إلخ.... ونجح بريجنسكى في إقناع الزعماء العرب بالموافقة على مشروعة والتحمس له دون قيد أو شرط !! 
ويقول محمد حسنين هيكل: إن لقاء السادات مع بريجنسكى استمر ٣ ساعات ونصف، ركز بريجنسكى خلالها على أن كلا من الجامع الكبير والإخوان المسلمين سيكون لهما دورا كبيرًا في الحرب ضد السوڤيت.. وأضاف بريجنسكى أن دور الإخوان المسلمين ربما يكون أكثر، خصوصا أن لهم فروعا تابعة لهم في معظم الدول الإسلامية، بالإضافة لأن أكبر القيادات في أفغانستان ينتمون إلى جماعة الإخوان (مثل القيادى الشهير عبد الله عزام مثلا).. وشدد بريجنسكى على ضرورة التنسيق بين المشايخ والإخوان، وطلب من السادات أن يقوم بمهمة توحيد الجهود المشتركة بينهما، وفسر بريجنسكى ذلك باعتبار أن السادات يملك سلطانا على المشايخ، وأنه تربطه علاقات طيبة بقيادات الإخوان.. 
وبالفعل قام السادات والمشايخ والإخوان بالدور المرسوم لهم تمامًا كما حدده بريجنسكى.. وبدأ تنفيذ المخطط بتصريح للسادات قال فيه: "إن العالم لا ينبغى أن يكتفى بإصدار بيانات الإدانة للاتحاد السوفيتي، ولكن لا بد من اتخاذ إجراءات عملية".. وفي ١٩٧٩/١٢/٣٠ نشرت الأهرام فتوى مفتى الجمهورية بدعوة مسلمى العالم لمساندة الثوار الأفغان.. (بعد سنتين أصدر رئيس الجمهورية قرارا بتعيينه الشيخ شيخا للأزهر).
وأما بالنسبة لجماعة الإخوان فقد كانوا عند حسن ظن بريجنسكى بهم وأدوا أدورا فاقت ما كان مطلوبًا منهم !!.. ففى الجامعات المصرية أشعل طلبة الإخوان حماس الطلاب وأقاموا المؤتمرات والندوات، ونظموا حملات لجمع التبرعات بالمال والدم.. ومن ناحية أخرى وبتكليف من مرشد الجماعة حامد أبو النصر، مكث القيادى الإخوانى د.كمال الهلباوي مدة ٦ سنوات متنقلًا بين أفغانستان وباكستان لمتابعة تنفيذ الأوامر والتعليمات.. وبالإضافة لذلك قامت لجنة الإغاثة التابعة لنقابة الأطباء المصرية بقيادة د.عبد المنعم أبو الفتوح بتسفير كثير من الأطباء لأفغانستان، وأيضا جمعت التبرعات للمساهمة في تدريب المقاتلين وتزويدهم بالسلاح والأدوية والسلع الغذائية.. وفى كتاب "النوم مع الشيطان" لضابط المخابرات الأمريكية CIA "روبرت باير" يذكر المؤلف أن الإخوان كانوا المورد الأكبر للمقاتلين في أفغانستان، وشرح الكاتب بالتفصيل كيف استخدمت أمريكا الإخوان المسلمين للقيام بالأعمال القذرة في دول عديدة وخاصة في أفغانستان !!
وكتب محمد حسنين هيكل في مجلة "وجهات نظر" عدد فبراير ٢٠٠٠ أن مصر والسعودية قامتا بنقل ٣٥ ألف مقاتل من ٤٣ دولة إلى أفغانستان.. 
وفى كتاب "العلاقات الخفية بين أمريكا والدول العربية" للكاتب "چون روبرت" (الكتاب موجود على النت ويمكن تحميله) يقول المؤلف إنه صدر في السعودية أكثر من ٣٠٠ فتوى من رجال دين رسميين (عبد العزيز بن باز ومحمد بن عثيمين) وشيوخ مستقلين وأكاديميين ودعاة ووعاظ، اتفقت كلها على فرضية الجهاد بالمال والنفس في أفغانستان!
ولله في خلقه شئون!

23 أغسطس، 2021

عمرو بن العاص، شخصية متعدِّدة الأنحاء، ومحيِّر


            بدأت حياة «عمرو» فى مكة، حيث كانت أمه تعيش فى كنف قريش بين الفقراء، كامرأةٍ من السبايا أو من المعدمين. وكانت تفتح بابها فيغشاها الرجال، ولما ولدته نسبته إلى «العاص بن وائل السهمى» فنشأ فى حضنه وتزوَّج فور بلوغه بابنة عمه «رائطة بنت الحجَّاج بن منبه السهمية» فقضت معه حياتها كلها، وأنجبت له ولده، الذى سماه «عمرو» باسم أبيه «العاص»
         غير أن النبىَّ غيَّره لاحقاً، وأعطاه الاسم الذى اشتُهر به: عبدالله بن عمرو بن العاص.. وكان الفارق فى السن بين «عمرو» وابنه «عبدالله» فى حدود الاثنتى عشرة سنة فقط!
          وكان نبوغ «عمرو» فى مكة، مبكراً، فقد روت المصادر أنه كان صبياً يافعاً حين واجه بكلماته البليغة، رجالَ قريش الذين انتقدوا أباه «العاص بن وائل»، لاعتدائه على الحقوق المالية لواحدٍ من تجار اليمن، وهى الواقعة التى انتهت بتأسيس (حزب الفضول) الذى كان يقوم، من قبل الإسلام، بنُصرة المظلومين.
والغمَّازون اللمَّازون الكارهون لعمرو بن العاص، كثيراً ما يشيرون إلى أمه ظناً منهم أن ذلك يحطُّ من شأنه، لكنه فى واقع الأمر كان قد تجاوز هذه المسألة، منذ فترة مبكرة من حياته. بل كان لا يجد غضاضة فى الإشارة إليها، وهو ما يدل على ثقته الوفيرة بذاته . فعندما مات أخوه «هشام» بكاه بحرقة، وهو آنذاك أميرٌ على جيش المسلمين، فلامه على ذلك كبار قُوَّاده، فقال لهم ما معناه: كيف لا أبكى عليه، وقد كان أفضل منى، وأمه أفضل من أمى.
وفى واقعةٍ تالية، أيامَ كان أميراً لمصر، تراهن بعض الخبثاء مع رجلٍ على مبلغٍ من المال، إذا استطاع أن يسأل «عمرو» يوم الجمعة وهو على المنبر، عن أمِّه! فسأله الرجل، فقال له عمرو بن العاص ببساطةٍ وثقة ما فحواه: كانت امرأةً من فقراء قريش، اسمها كذا.. فاذهبْ وخُذْ من أصحابك المال الذى جعلوه لك.
ويتصل بما سبق، روايات أخرى لا تتعلق بقدرة «عمرو بن العاص» على تجاوز الوقائع القديمة التى لم يكن له يد فيها، فحسب، وإنما تدل أيضاً على قدرته الفائقة على ضبط النفس والثقة المفرطة بذاته. فقد كان أمير الجيش يوم نهر بعض جنوده ليقوموا إلى أعمالهم ويتركوا الطعام، فردَّ عليه أحدهم بقوله «مهلاً» فإنما نحن لحم وعظم، فقال له عمرو بن العاص «بل أنت كلب» فقال الجندى: فأنت أمير الكلاب.. فضحك ومضى عنهم!
ومعروفٌ عن عمرو بن العاص، أنه ساعد معاوية بن أبى سفيان فى نزاعه مع الإمام علىّ بن أبى طالب، وحارب فى صفِّه وجعل له الأمر بالخدعة الشهيرة (التحكيم)، لكنه حين دخل على «معاوية» المجلس، فوجده يحكى من الوقائع ما يُعلى به من شأنه، ويحط من شأن الإمام علىِّ.. صاح فيه عمرو بن العاص: «يا معاوية أحرقت قلبى بقصصك، أترانا خالفنا عليّاً لفضلٍ منَّا عليه، لا والله، إنما هى الدنيا نتكالب عليها، فإما أن تقطع لى من دنياك، أو أنابذنَّك».. فأعطاه مصر!
ومع أن «عمرو» هو القائل، حين انتقدوه لأنه يركب بغلةً كبيرة السن وبائسة، وهو الأمير: لا أملُّ دابتى ما حملتنى، ولا أملُّ زوجتى ما أحسنتْ عشرتى، ولا أملُّ ثوبى ما وسعنى، فإن الملل من سيئ الأخلاق.
فإن «عمرو» ذاته هو القائل حين اجتمع بنو أمية عند كبيرهم «معاوية» ليعاقبوه على تفضيل عمرو بن العاص، فصاح فيهم: أما والله، ما أنا بالوانى ولا الفانى، وإنما أنا الحية الصماء التى لا يسلم سليمها ولا ينام كليمها، وأنا الذى إذا همزتُ كسرتُ، وإذا كويت أنضجت، فمن شاء فليشاور ومَنْ شاء فليؤامر.. وقد علمتم أننى أحسن بلاءً، وأعظم غناءً.
إذن، نحن بإزاء شخصية متعدِّدة الأنحاء، ومحيِّرة، لكن فضلها ثابتٌ بوقائع التاريخ وبصحيح الشهادات النبوية فى حق عمرو بن العاص.. فمن الوقائع الثابتة أنه قاد جيش المسلمين فى حياة النبى، عقب إسلامه، وكان تحت إمرته كبار الصحابة والشيخان أبوبكر وعمر، وقاد الجيوش التى فتحت بلاد الشام وشمال الجزيرة وفلسطين، فأظهر من الشجاعة والحكمة والمهارة ما يثير الإعجاب.
وحين صال القائد العسكرى البيزنطى (الرومى) المسمَّى أرطيون، وتكتبه بعض المصادر العربية: أرطبون، وأعجز جيش المسلمين، شكا الناسُ أمرَه إلى الخليفة عمر بن الخطاب، فقال: نضرب أرطيون الروم بأرطيون العرب.. واستدعى له «عمرو بن العاص» فذهب إليه على رأس جيش، وهزمه، واضطره للفرار بحفنة من جنوده إلى مصر..
ومن الشهادات النبوية فى حق عمرو بن العاص، الحديث: ابنا العاص مؤمنان، عمرو وهشام (رواه الإمام أحمد والحاكم وابن سعد وابن عساكر) والحديث: أبوعبد الله عمرو بن العاص من صالحى قريش، نِعْمَ أهل البيت أبو عبدالله وأم عبدالله وعبدالله (أخرجه أحمد والترمذى) والحديث: أسلم الناسُ وآمن عمرو بن العاص (قال الذهبى: حديثٌ حَسَنُ الإسناد)

03 يونيو، 2021

"لايصح إلا الصحيح ".


حسنا فعل المجلس الأعلى للهيئات القضائية...ولسه!!
تابعت باهتمام بالغ، وسعدت كثيرا بقررات المجلس الأعلى للهيئات القضائية، خاصة وأن الجميع يعلم أن هذه هي مطالبي الشخصية، منذ أكثر من عشرين عاما، والفيديوهات والمقالات موجودة على الانترنت.
ولن أنسى مقالي باليوم السابع، وعنوانه لا يا سيادة المستشار، وكان موجها لمستشار الزحف المقدس! فاكرينه؟!
لقد تعلمت درسا مهما في هذه الحياه، وهو أنه "لايصح إلا الصحيح". تعلمت أن كلمة الحق باقية وباق قائلها، فكن من أهل الحق مهما كان ما ستدفعه من ثمن...يكفيك أن تكون من أهل الحق...نعم نعم نعم.
قطعا ما صدر ليس كل ما كنت أطالب به منذ سنوات، ولكنها خطوة عظيمة على الطريق الصحيح...
قطعا، إعطاء من تم رفض تعيينه (ورقه رسمية) بأسباب الرفض، لهي خطوة سديدة وجادة، وبالتالي يحق له الطعن وتفنيد تلك الأسباب، وبالتالي تحقيق المزيد من الشفافية والعدالة بعد رحلة من التغييب المقيت، وكلنا نعرف ذلك.
قطعا قرار عدم السماح لمن تم تعيينهم في جهة قضائية التقدم للتعيين في جهة أخرى هو الآخر قرار رائع ومنطقي، وما كان ينبغي أن نرتكب تلك الجريمة من الأساس...
أعرف العشرات من ذوي الحظوة (الدلوعه) تفسحوا بين الجهات القضائية، كمن يتجول بين الأطباق ليتذوق ويختار!! وكل ذلك كان يتم على حساب وجماجم المقهورين من المتفوقين...جريمة كبرى، حسنا فعلوا.
قطعا، قرار التساوي في المرتبات والمزايا بين كافة المناصب والدرجات المتناظرة في كافة الجهات القضائية قرار منطقي وعادل، لانه لم يكن هناك مبرر منطقي ولا عقلاني ولا اخلاقي للتمييز بين رجالات القضاء، فالتمييز تسبب في مشكلات كبيرة يتعذر حصرها.
كما أن قرار عدم جمع القاضي بين وظيفته وعمل آخر فهو الآخر خطوة رائعة لطالما طالبنا بها في مؤلفاتنا العلمية وطلابنا يعلمون ذلك، لاعتبارات كثيرة جدا يطول شرحها.
وحتى تعيين النساء في النيابة العامة ومجلس الدولة، هي بوجه عام خطوة على الطريق الصحيح، وإن كنت أتحفظ على تعيينهن في النيابة العامة، لأسباب أراها بديهية ومنطقية؛ فوكيل النائب العام (بالذات) عمله شاق، ومطالب بالنزول لمعاينات جثث وغير ذلك، وفي أوقات متأخرة، أيضا كقاضي جنائي، ومع عتاة الإجرام وهنا تثار قضية تغليب العاطفة أم العقل.....الخ،
لكل تلك الاعتبارات وغيرها، كنت أتمنى الاكتفاء بتعيينهن في كل الهيئات القضائية عدا النيابة العامة والقضاء الجنائي، ليس إقلالا من قدرهن أو لأنهن أقل كفاءة، ولكن تواؤما مع خصوصية المرأة، واحتراما لها وحفاظا عليها...وقد يختلف البعض معي في ذلك...لكن هي وجهة نظر.
وفي الغالب، هي قرارات طيبة جدا، فيها عودة للحق واقترابا أكثر من العدالة التي ننشدها، والتي تؤمن بها المجتمعات المتحضرة بل أكدها ديننا الحنيف.
قطعا لا يزال الطريق طويلا للوصول إلى ما نحلم به من شفافية ورقي في جهاز القضاء الوطني، لأن القضاء والعدالة هما سر التقدم او التخلف...العدل يا سادة.
مطلوب في قادم الأيام، ولو أمكن إلحاق على تلك القرارات، وضع قائمة بالمعايير الموضوعية للتقدم للجهات القضائية وإعلان تلك المعايير وفق نسب مئوية، بحيث تعزز من مستوى الشفافية وتفتح باب الأمل لآلاف الشرفاء والحالمين، وفي نفس الوقت تغلق الباب أمام لصوص الوظيفة العامة ومن امتهنوا التجارة بها او توريثها...
حفظ الله كل يد تبني في الوطن، الذي لن يتقدم إلا ولن يهنأ إلا بالعدل وأهله....دمتم بألف خير.

رضا عبدالسلام
أستاذ بكلية الحقوق جامعة المنصورة..ومحافظ الشرقية الأسبق..وقبل كل ده"مواطن يعشق تراب وطن إسمه مصر"

التفسير الحق: مُبررات التقارب التُركي مع مصر

 






محاولات التقارب التُركي مع مصر مؤخرًا حركت عدد كبير من التساؤلات أهمها على الإطلاق: أيه ال "أجبر" النظام دا على تقديم الكم الهائل دا من "القرابين"، ال أهمها إذلال أقرب أصدقائه الإقليميين من الجماعة الإرهابية؟! وعلى الرغم من العدد الكبير من التحليلات ال اتكتب لتفسير المُحاولات التُركية، إلا أن مفيش واحد منها قدم ما يُشفى غليل القارئ العادي فضلًا عن الباحث المُتابع.
-
بداية تُركيا بتُعاني من نقص شديد في موارد الطاقة المحلية، ودا بيدفعها إلى استيراد كميات ضخمة لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، تكلفة الاستيراد دي وصلت أدنى حد لها في 12 سنة تقريبًا 28.9 مليار دولار في عام 2020 من إجمالي الواردات التي بلغت 219.5 مليار دولار، بعد ما كانت وصلت 41.7 مليار دولار، في عام 2019، من إجمالي 210.3 مليار دولار (صورة 1).
-
الوضع دا دفع الحكومة التُركية للبحث عن مصادر لتوفير الطاقة أو توفير تدفقات نقدية من مصادر خارجية كنقل الطاقة عبر الأراضي التُركية، بحيث إنها تتوجه بعد كدا لشراء الطاقة بما يُخفض من تكلفة شراء الطاقة على البلاد في ظل أوضاعها الحالية. لتنفيذ الحليين السابقين أو واحد منهم، قام النظام التُركي بترسيم الحدود البحرية مع حكومة السراج في ليبيا، في مُحاولة لتحقيق أحد غرضين (صورة 2).
-
الترسيم مدد الحدود التُركية ال بتحجمها جزيرة Kastellorizio عند أبعد نقطة من الحدود اليونانية، لأن الجزيرة دي بتبعد عن الساحل التُركي بمسافة تقل عن 2 كم، بحيث تُشمل النقطة السوداء الموضحة على الخريطة في (صورة 2)، أو زي ما بتوضحها بشكل أفضل (صورة 3)، بالتالي فترسيم الحدود مع حكومة السراج خلى النظام التُركي يستحوذ على مساحات واسعة جدًا من مياه البحر المتوسط، ترفع من حظوظها في إيجاد غاز طبيعي في الأعماق.
-
ثانيًا الترسيم دا بيقطع الاتصال الجغرافي بين مصر واليونان، وبالتالي هيمنع وصول كابلات الكهرباء ال بيجري العمل في الوقت الحالي على مدها بين مصر وقبرص من ناحية، ومصر واليونان من ناحية تانية.
* ودا يخلي النظام التُركي مُتحكم إما في السماح بمرور الكابلات بين الدولتين مرورًا بحدوده المُدعاة مُقابل تعريفة مرور، أو مُعاملة تفضيلية.
*أو أنه يمنع المرور دا على وجه العموم، ودا يوجه المشروع لمسار تاني، وخاصة إلى الربط عن طريق المملكة العربية السعودية مع العراق ثم تُركيا، لتربط الأخيرة مع الشبكة الأوروبية بحيث تتحول لمحور إقليمي حصري.
-
الأهداف دي خلت النظام التُركي يحاول فرض الأمر الواقع، بالتدخل في ليبيا غربًا، ويحاول الوصول للساحل الشرقي، بحيث يفرض الاتفاقية إجباريًا على كُلًا من مصر واليونان، عبر قوات تتمركز على الحدود هذه السواحل.
-
كان رد الإدارة المصرية وقتها قاطعًا بفرض خط أحمر بين سرت والجفرة، يتدخل الجيش المصري مُباشرة في حال تخطته المليشيات الليبية أو داعميها من المليشيات السورية (صورة 4)
-
الخط الأحمر المصري قضى تمامًا على الطموح التُركي في قطع الاتصال الجُغرافي بين مصر واليونان، بعد السيطرة على الحدود السواحل الليبية الشرقية، لكن الاطماع التُركية فضلت قائمة في اقتطاع منطقة اقتصادية واسعة، بالمخالفة للقانون الدولي للبحار.
-
وردًا على التحركات التركية، سعت اليونان بكل قوة لترسيم الحدود البحرية مع مصر، وذلك مخافة اقتطاع مساحات شاسعة من مياهها الاقتصادية الإقليمية الخالصة التي يمنحها إيها تواجد جزيرة Kastellorizio على مقربة من السواحل التركية، وفعلًا في 6 أغسطس وافقت الدولتين على ترسيم جُزء من الحدود الغربية بينهما، دون ترسيم كامل (صورة 5)
-
رسمت الدولتين الحدود على خمسة نقط بتبدأ من النقطة E في الغرب في اتجاه الحدود الليبية، وتنتهي بالنقطة A في الشرق في اتجاه الحدود التركية، مرروًا بالنقاط B، C وD، مع ترك الحدود التُركية مع اليونان وفي مواجهة مصر غير مُرسمة.
-
النمط دا من الترسيم أدى إلى ضمان الدولتين الاتصال الجغرافي بينهما، ودا ال هيسمح بمرور الكابلات في الوقت الحالي والمُستقبل، مع إعطاء اليونان حرية حركة لتسوية نزاعاتها مع تُركيا، سواء باستبقاء الحدود ال منحتها إياها جزيرة Kastellorizio، وفق قانون البحار، أو التسامح مع الأتراك ومنحهم جُزء من هذه الحدود، علشان يوقفوا النزاع في المُستقبل، أو في مُقابل تصفية التواجد التُركي في جزيرة قُبرص، ال الأتراك بيحتلوا الجُزء الشمالي منها.
-
لكن مصر قيدت اليونان في الاتفاقية (صورة 6) بأن تستأذن مصر أولًا وأن توافق مصر على هذا الترسيم قبل أن يكون نافذًا أو صحيحًا، حيث ينص البند (د) من المادة الأولى من الاتفاقية على ما يلي:
"يكون تعديل الإحداثيات الجغرافية للنقطة A في اتجاه الشرق والنقطة E في اتجاه الغرب، بموجب اتفاق بين الطرفين، وذلك في حالة التعيين المستقبلي للمنطقة الاقتصادية الخالصة مع الدول المُجاورة المعنية الأخرى، على أن يقتصر التعديل في هذا الصدد على امتداد النقطة (A)، في اتجاه الشرق، وامتداد النقطة (E) في اتجاه الغرب"
-
خدوا بال حضراتكم، أن الترسيم دا منح مصر مساحة تصل إلى 55% من المسافة بين كُلًا من مصر واليونان، بدلًا من 50% فقط يقضي بها القانون الدولي (صورة 7)
مُحصلة السابق إن مصر نجحت في تطويق الجهود التُركية لتأمين إمدادات الطاقة، سواء بمحاولة تضيق المنطقة اليونانية الاقتصادية الخالصة، أو قطع الاتصال الجغرافي بين الدولتين، وتحويلها لصالحها، وفي النهاية أصبح استرضاء القاهرة هو المعبر الوحيد لتحقيق الأحلام التُركية.

Mohamed Shadi
Egyptian Center for Strategic Studies - المركز المصري للدراسات الاستراتيجية

-

29 مايو، 2021

الكيان الصهيوني صناعة امريكيه

  الآباء المؤسسون للولايات الامريكية الجديدة كان همهم الاول  التخلص من اليهود وإبعادهم عن الولايات الجديدة لضمان الأمان والاستقرار الأول لها ووضع نهاية لموجات هجراتهم اليها ... وسأنقل سطورا من خطاب للرئيس بنجامين فرانكلين والذى كان أحد الآباء المؤسسين للولايات الجديدة وألقاه أمام النواب قبل اكثر من 200 سنة.


   أٍيها السادة لا تظنوا أن امريكا قد نجت من الأخطار بمجرد أن نالت استقلالها، فهى مازالت مهددة بخطر جسيم لا يقل خطورة عن الاستعمار، هذا الخطر سوف يأتينا من بعض اليهود فى بلادنا، وسيصيبنا ما أصاب الدول الاوروبية إذ بمجرد تمركزهم فى تلك البلاد عمدوا إلى القضاء على تقاليد ومعتقدات أهلها وسعوا الى السيطرة على اقتصاديات البلاد وقواها المالية ولقد رأينا فى الماضى كيف أخضعوا أهل إسبانيا والبرتغال وما فعلوه فى بولونيا. أتوسل إليكم جميعا أيها السادة أن تسارعوا لاتخاذ هذا القرار وتطردوا هؤلاء من البلاد قبل فوات الأوان من أجل مصلحة الأمة وأجيالها القادمة.