07 ديسمبر، 2015

رفقا بشباب مصر

لقد  تم اختطاف التعليم فى مصر على مدى ستة عقود من الزمان 
اختطفه نظام سياسى كان همه الأكبر اعداد مواطن لديه كامل الولاء للسلطه ،مواطن خانع ،خاضع ،مغيب ،بلا كرامه تم قتل روح النقد والابداع داخله ،وعندما فشلت الدوله فى القيام بدورها نحو المواطن الذى غيبته وركعته وهمشته ارتمى هذا المواطن فى براثن جماعات صورت له ان الملاذ الوحيد لحياه افضل هو العوده للماضى لانه لن ينصلح امر هذه الامه سوى بما انصلح به أمر الاولين ،وفى ظل غياب تام لدور الدوله فى التعليم والصحه ،حلت هذه الجماعات محل الدوله متاجرة بهذا الشباب ،بفقره وبطالته ،ومرضه فانضم كثيرا من ابناءنا لتلك الجماعات ،بل الادهى انها استغلت الفارين من جحيم البطاله والفقر والذين يأسوا من  التغيير وخسروا الدنيا وبات عليهم ان ينجوا بالاخره فحولتهم لقنابل واحزمه ناسفه  ، وعلى الجانب الاخر فر كثيرا من ابناءنا  للشارع لنجدهم اليوم موزعبن بين بلطجى ،وفهلوى ،واونطجى لا ينتمى سوى لشخصه وما يتخيله محققا لسعادته الشخصيه بعيدا عن الدوله والتى من المفترض ان بكون انتماءه الاول والاخير لها . 
 لذلك فان ظواهر الارهاب و العنف الكارثيه والدمويه والانتقاميه هى نتاج طبيعى للتعليم الذى حول المصرى لسلعه رديئه غير مؤهله لسوق عمل غير موجوده بالاصل ،وايضا انضمام عددا ليس بالقليل لجماعات تريد السلطه وتستتر بالدين فى صراعها مع المستبد الحاكم ، هو نتاج طبيعى لغياب دور الدوله سواء فى تحقيق المواطنه الاجتماعيه وهو اقل حق للبشر خاصة مع اطلاع الشباب على المستوى الذى ينعم مثيله فى العالم بالرفاهيه ورغد العيش بينما هو تائه ،ضائع ،مشتت .
 ان حيرة الدوله المصريه فى مواجهة البلطجه لاتقل عن حيرتها فى مواجهة الارهاب !  والاثنان صنيعتها ونتاج طبيعى لسوء سياستها .
  لذلك ان اردنا خيرا بشبابنا علينا بترسيخ قيم المواطنه بمفهومها التشاركى والمساواتى المفضى للانتماء والوطنيه من تفعيل القانون وخلق كيانات تنمويه حقيقيه  لان من يستهلك ما ينتجه العالم غربا وشرقا لم يعد دور الدوله هو خلق وظيفه له بل خلق كيانات إقتصاديه  توفر لهم حياه كريمه تجعل الشباب يتخلى عن الشارع مرتع البلطجه والفهلوه وايضا تستعيده من براثن الداعيه الذى يلقنه  كل صنوف الكراهيه والحقد والارهاب لابد ان نحمى الشباب ونجعل سعادته كفرد هى سعادته كمواطن له كامل الحقوق وعليه المسئوليات التى تخلق منه كيانا يحقق الانتماء والوطنيه ويبث فيه روح الامل فى غد مشرق مستعيدين الروح الرائعه والخلاقه للشخصيه المصريه . 

18 نوفمبر، 2015

عفوا كلنا يتألم !!!

تمضى الأيام ثقيلة تارة ،وكئيبة مرارا،تتعاقب الظروف والأحوال متباينة أشد التباين ،ولا يتفق شيئا مع آخر ولا شخصا مع أخر .كل شىء يتعارك ،بتنافر  سواء فى داخلى أو من حولى ولا شىء يجمع نفسى او من حولى ولا يتفق سوى فى بعث الألم والكابه.
 تارة يكون ما حولى أكثر كآبة مما بداخلى، وأحيانا ما بداخلى يكون  
   باعثا للكابه والألم أكثر مما حولى ،لقد صار كل شىء مختلف عن الاخر ولم يتفق شيئان سوى فى الألم ولا أرى شيئا أنا مطالب به او مطالب به من حولى  سوى بتحمل هذا الألم 
أتساءل كثيرا عن المشترك بين الناس فأجد كل العيون حائره والوجوه واجمه والقلوب غائبه والانفس تائهه وكلها تنطق صامتة ان هناك شيئا  فى الاعماق جعل الكل مختلف ، متنافر ، متصارع ومتناقض  ، لا انسجام لكن كلهم مثلى يسالون مليون يجيبون ولا اجابة تشفى الصدور او تفصح عن الخافى والضائع 
، لم يعد هناك تلك السمفونيه التى كانت تعزفها دواخل البشر مع جمال الحياه ،والكل يسال وأنا ايضا أتساءل هل تغيرت الحياه أم تغيرت النفوس ؟
 لقد باتت حركة الحياة أسرع ولم نعد نستطيع ان نجابه سرعة الكراهيه ،والألم والكأبه التى باتت تطاردنا فهل نطارد أنفسنا؟ أم نطارد الظروف من حولنا ؟
  بالتأكيد الحياة ليست كئيبه وليست فاسده ولكن نحن بالطبع من افسادناها والألم الحقيقى ان كلا منا فقد عجلة القياده والسيطره ولم يعد لديه القدره على تحديد وجهته القادمه ،او حتى تحديد اسباب الألم ولذلك من الصعب الخروج من الحجرة الظلماء التى نبحث فيها عن قطه سوداء حتى صرنا رفات تتحرك لترقد  فى نهاية المطاف  على رفات لا يقلقها رائحة رفات السابقين بل الادهى ان تستلذ وتستمرىء رفات القادمين غير فاسحةاو متوجعه   
 هل نتألم لأننا لم نعد نملك القدره ان نقدر حاجتنا ؟هل لم نعد حتى قادرين ان نحدد مكاننا ؟لم نعد فعلا قادرين ان ندير أمورنا ؟ 
 نتألم لان حركة الايام تفوق حركة النفوس والاخلاق هو الأمر كذلك ؟
    هل نتالم لأن الكوارث السياسيه التى مرت على مصر منذ ثورة  يناير لم نكن مؤهلين لها ؟ 
 ان الايام لم تتح لنا كمصريين ما كنا نرجوا وماكنا نطمح له ،ظننا اننا فى نزهة وسننتقل الى راحة البال والى نور الشمعه فى النفق المظلم الذى  عشنا فيه ،  ولكن للاسف كلما بان او ظهر بصيصا من الأمل فى افق نفوسنا ومكاننا حاول من حولنا كف بصرناو  بصيرتنا عنه، وأن فشل فى ذلك أغمضنا نحن اعيننا تلذذا بالعمى لأن ماتبذله كمصرى من مجهود فى اغماض عينيك اسهل من ان تحدق فى ظلام الضوء القوى    
  نعم كلنا يتألم ولكن الى متى ؟؟؟؟

20 أغسطس، 2015

تقحير واسئله مشروعة !!

 
        الذى يقتل ويفجر اليوم هم الجهله الذين اورثهم رجال الدين على مدى 40 عاما كل صنوف العنف والفهم المغلوط لقيم ديننا الحنيف ، وذلك منذ ان اخرجهم السادات للحياه فبدأوا به ! وسمنهم مبارك فى مزارع الداخليه ومباحث امن الدوله فبدأت نهاية نظامه حينما خرج الشعب ضد فساد وتسلط  الداخليه المصريه ، واليوم تقف مصر والرئيس السيسى فى مفترق طرق .وعلينا ان نتساءل بكل صراحه وموضوعيه عدة اسئله /
هل استوعب السيسى درس السادات ؟  ام انه يريد لقب الرئيس المؤمن ويرخى الحيل للكلب السلفى ليعضه فى النهايه ؟ وهل استوعبت الداخليه درس مبارك ؟وهل استوعب السيسى درس الداخليه التى كانت شراره يناير  فيبادر  باصلاحها وتطويرها ومراقبة انتهاكات البعض الغير مسئوله التى تسىء لهم قبل الرئيس والدوله المصريه وتظهرها بمظهر الدوله الفاشله والضعيقه !كيف يتم ترك مظاهرات شيرا اليوم لتنتهى بتقجيرات بعد انتهاء المظاهرات بساعة ؟؟؟ دون القبض على اخوانى واحد !!!
  وهل استوعب الشعب المصرى درس الخداع والمتاجره بالعقيده وتحويلها لشريعة الغاب معتقدا ان نقد شيخ فتاوى الضراط والنكاح  ومراجعة فهمه للدين  هو انتقاد لذات الله  ؟هل صار الشعب اكثر وعيا وهو يستيقظ على ارهاب الاخوان واهمال وفساد  وتراخى وزارة الداخليه ؟ وهل الداخليه استوعبت الدرس جيدا بدماء ابناءها  الابرياء التى تراق كل يوم ؟وهل الداخليه استوعبت درس رجالها  الذى سيكون الوقود الذى سوف يجعل كل العاملين بها يوما ما يخشون الظهور بالزى الميرى مثلما حدث عقب يناير ؟
هل استوعبت الداخليه درس 30 يونيو وان الشعب الذى اعادها للحياه هو الشعب الذى يعانى اليوم من فساد بعضهم ؟ هل استوعب القضاء درس الشهيد هشام بركات لبنسى قاضى التوقيع على اعدام حباره ونعيد المسرحيه من جديد ؟  هل نسى الزند ان يصرف للقضاه بدل نسيان توقيع لعدم تكرار المسخره ؟ 
نعم كل من وجهت له سؤلا هو ضحيه وجانى فى نفس الوقت !!!
ولابد ان يعترف الشعب  انه الجانى الذى  اساء الاختيار  وانه الضحيه اليوم وان الدماء التى تراق والارهاب هو شريكا فى صنعه مع انظمه تركت الفقر والمرض وسيله حاضنه يرتع فيها الارهاب ؟
    الاسئله مشروعه وحقيقيه ولكن الاجابه تحتاج لنظام تعليمى وفكرى وادارى يمكن الاجيال القادمه من عدم الانقياد وراء ؟؟الارهابى بعد ان نعلمه كيف يفكر ؟وكيف ينتقد؟ وكيف يناقش وكيف يرفض ؟؟

02 يونيو، 2015

مصر تمرض لكنها لم ولن تموت





شرذمة من المفسدين تدير كل شىء فى كل الوزرات ،وكثيرا من الارهابيين يعرقلون كل ماتبقى من المفسدين ،وبيننا فقراء محرمون ،واصحاب عقائد مضطهدون بل ويهجرون قسرا كما فى بنى سويف فمازالت العمم البيضاء والسوداء تقوم بدور القانون ، والطامه الكبرى هم اشباه الساسه الذين يظنون انهم قادة احزاب ،ونسوا انهم جزءا من نظام ثار الشعب عليه وطالب باسقاطه ولم يعد لديهم دم ليغادروا المشهد المعقد الذى صنعوه ،وشباب شعره صار( ضفيره )وأطلق لحيته لا هو انثى ولا شيخا !! بل أنسى!! وشبح! ويهتف مع الارهابيين عند كل سلم نقابه حتى يقذفه الشعب الذى مل الشعارات بالحجاره وينعته باقذر الالفاظ ،اضف لذلك المشهد المعترىء اعلام الفضيحه يطفح كالمجارى كل مساء 

لاشىء فى مصرنا قادر على الصمود او الصعود سوى جيشا ومؤسسه رئاسه وبعضا من وزراءنا المخلصين ، نعم ليسوا بساسه ولكنهم يطحنون كثيرا وياكل الشعب قليلا نعم اكل الكفاف لكن لاننا نؤمن ان القادم افضل مما فات ومما فرضه علينا النخب والارهابيين . 

أنا وأمثالى فى منطقة وسطى لا لم ولن نسقط وان لم نمتلك القوه على الصعود ، لكن لدينا املا فى رجلا يعمل ونامل ان يقضى على ارهابا اسود وفكرا احمق تاجر بالالام وبالفقر والجهل كى نبقى فى خانة الصفر الشمال بين امم جيبوها اعمق من تفكيرها ، لكن للاسف كسلنا وفسادنا جعلنا نستجدى الحفاه العراه فنحن من نتريص بانفسنا وببلدنا .

نعم مصر تمرض ولكنها لا تموت ولكن لا اتمنى ان نظل فى غرفة العنايه المركزه طويلا وهو ماسيحدث عندما نخرج من بين سندان الارهاب ومطرقة فساد بعضا من رجال الداخليه ليؤدبنا لاننا بعنا ثورة يناير للارهابيين وها هو يسارع الزمن مثل المفسدين ليسرق قبل ان يفيق القانون من غيبوبته وغفوته وقبل ان يقوم رجال الرئيس بمحاصرته فهو يسابق الزمن سرقات وفساد لان ماتسرقه اليوم خيرا من تدخل بسببه السجن غدا لان العداله والقانون ويبادته اعداء الفسده واثرياء الامن والدعم !

نعم نعانى لكن لا يمكن ان نقبل بمبعوث اممى يعلمنا كيف نجلس مع القتله والمشعوذين ونفتسم بلدا علم العالمين !!!

27 مايو، 2015

نظريات و أساليب النقاش



في هذا المقال (الذي سيكون طويلا نوعا ما) سأحاول أن أتطرق الى نظريات و أساليب النقاش الأصح و المفروض اتباعها بغية نقاش سليم و صحّي ، و في الطريق نعقد مقارنات فيما بين ما يجب أن يكون عليه النقاش و بين الطريقة العربية البارعة في تشعيب النقاش الى نواحي لا علاقة لها بالموضوع الاصلي ، و بالتالي فشل تلك النقاشات بالوصول الى نتائج ملموسة مرضية. 
المعلومات و المعارف المذكورة في هذا البحث مستمدة من أبحاث مجموعة و مقارنة عبر الانترنت (و التي في معظمها لا يعود للعرب للأسف) ، و هذه تشمل نظريات المجادلة و فن الكلام التحاوري و نظرية المعرفة ، و لمن يريد البحث عن هذه المعلومات المفصلة يستطيع البحث عن Argumentation Theory و Speech Act وPragma-dialectics.... بالاضافة الى المغلوطات المنطقية Logical Fallacies. و لمن يريد الاستزادة في موضوع فن المجادلة و النقاشات الفلسفية أنصح له هذا الكتاب المختصر (و الذي اعتمدت عليه كثيرا) لشوبنهاور على الرابط http://coolhaus.de/art-of-controversy 

أنواع النقاشات 
النقاشات نوعان : نقاشات منطقية logical و نقاشات جدلية dialectic ، و النوعان تم ذكرهما في القرءان من خلال أمثلة في الغالب. النقاش المنطقي يتسم بوجهين ، أحدهما عرض البينات ، و ثانيهما منهج متسق يتم على بصيرة. و البصيرة هي وضوح الهدف النهائي و الطريقة المتبعة. و قد بين الله ذلك في قوله ( وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ .... قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي) يوسف 105/108 ففي هذه الايات من قصة يوسف يظهر لنا الحق أن أساس النقاش و الدعوة المنطقية هو الاتيان أو تبيان الايات و الحقائق و من ثم اتباع منهج أو سبيل على بصيرة واضحة. بمعنى أن يكون سبيلا واضحا لا لبس فيه ، و في هذا يقول الله ( أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ «22» ) تبارك – مما يعني أن افضل الطرق في النقاش هي اتباع خط مستقيم ما بين الموجود (المعلوم) و المراد الوصول إليه . و من تلك الاية نفهم أن تشعيب النقاش في الغالب يؤدي الى الجدل الذي لا طائل منه في النهاية .

أما نقاش الجدل dialectic فهو نقاش يتم فيه عرض معلومات أو حقائق و لكن لا يتسم بسبيل واضح ،- لأن الهدف أساسا لا يكون للوصول الى الحقيقة و لكن إما لفرض رأي أو إضعاف رأي. و قد بين الله ذلك بقوله (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ«8» ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ)حج/8 .أي هدف المجادل (في الغالب) هو الاضلال عن السبيل السوي. فالمجادل قد يعرض بعض الحقائق لكنها في الغالب لا تؤدي هدفها في النقاش إما لأنها ليست ذات صلة بالموضوع أو لأن السبيل المتبع ليس على هدى ً واضح أو منير. و المشكلة الابرز في الجدل في الغالب هي اتباع عدة طرق غير مترابطة مما يؤدي الى الانحراف تدريجيا و البعد عن الموضوع الاساس .. فيؤدي الى التفرق و الاختلاف المتكرر .. مما يجعل الجدل جدلا بيزنطيا لا نهاية له ، و هذا واضح في قوله تعالى (وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) أنعام/153. إذن يمكن تلخيص مجمل مشاكل النقاش الجدلي بأنه تشتيتي و تفريقي للهدف و الفكرة الاساس. و يتم ذلك عادة عن طريق عدة أساليب كما سنلاحظ لاحقا. 
مكونات النقاش الصحي 
ضمن بحوث تجريدية جرت في نهاية القرن الماضي/بداية هذا القرن بأمستردام ، حاول بعض طلاب الفلسفة و مشرفوهم وضع طريقة عملياتية لتقييم أي نقاش فلسفي (أو حتى غير فلسفي). و قد تمكنوا من وضع نقاط عشر لو اتبعها المتحاورون فإنهم من المتوقع جدا أنهم سيقودون نقاشا صحيا و مثمرا. هذه النقاط هدفها تقييم طريقة النقاش و الجدل ، في حين تنصب معظم محاولات التقييم الفلسفية السابقة على تقييم نتائج الحوارات التي تحدث – بدلا من تقييم طريقة الحوار نفسه كما فعل هؤلاء الطلبة. فحسب ما ذهبوا إليه ، فإن النقاش عليه أن يتمتع بالمزايا التالية حتى يكون نقاشا صحيا و نافعا:

1- الحرية: على طرفي النقاش عدم منع الاخر من تفسير و تحليل ما قد طرحه. و ذلك يكون بعدم إشعار الطرف الاخر أنه عليه المدافعة عن ما يقول بسبب أنها تسبب حرجا أو ضيقا لدى البعض – و هم (واضعوا النقاط) بهذا يريدون تخليص الطرفين من الارهاب الفكري المتبادل (مهما كان طفيفا) – لأنك شخصيا عندما تعلم أن كلامك يثير مشاعر عند آخرين فإنك حتما سوف تتأثر و تغيير من طريقة عرضك أو انتقائك للأفكار. 
2- عبء الاثبات: إذا ادعى أحد ما شيئا فإن عليه اثباته إذا طلب منه ذلك. و الاثبات يكون بالاتيان بمزيد من المعلومات أو الادلة ، أو عن طريق إعمال الاجتهاد لاستقراء النتائج مما هو موجود. 
3- مناقشة الفكرة: على المناقشين أن يناقشوا الافكار المطروحة و ليس الشخوص أو ربط أمور خارج نطاق الافكار. 
4- الملائمة: باستطاعة المناقش الدفاع عن أفكاره عن طريق تحسين و تعزيز الفكرة نفسها – لا أن يشعب النقاش ، و لا أن يلعب على مبدأ تكثير النقاط لصالحه بتكثير الافكار المقبولة. 
5- توخي الوضوح في طرح الفكرة الاساسية و الفروض المرتبطة بها : و ذلك لمنع حدوث نفي لبعض المقدمات أو الفروض التي وضعها المجادل (ضمنيا). 
6- نقطة البداية: يجب على كل طرف تحديد نقاط الاتفاق مع الطرف الاخر 
7- التبادل: يجب تبادل النقاش سلبا أو إيجابا – بمعنى يجب على الطرف البوح للطرف الاخر بأنه قد اقتنع أم لم يقتنع ..(لانه عند العرب يتحول معظم النقاش الى تراشق أسئلة دونما أن يدري الطرفان هل اتفقا أو اختلفا - و هذا ما يسمى اصطلاحا بحوار الطرشان) 
8- الصلاحية: يجب على الطرفين الاعتماد على قواعد منطقية سليمة و صالحة – و قد يتفق الطرفين على منهجية لتبرير صلاح ما يذهبون إليه (كما هو الحال في هذا الموقع فإن الكل يتفق على تحقيق النص القرءاني كأحد أهم مبررات صلاحية ما يذهب اليه أي طرف) 
9- الختام: في الختام (نهائيا أو مرحليا)، على الطرف الذي يفشل في الحفاظ على رأيه (أو بعض أفكاره المطروحة في النقاش) أن يعيد صياغة طروحاته أو أفكاره بحيث تصبح صالحة في ظل نتائج الحوار. (يعني عدم التعنت!) ، و ذلك حتى يفهم الطرف المقابل الى أي مدى تم التقدم في النقاش. 
10- الاستخدام: على الطرفين عدم استخدام مسائل في طور البحث و التنقيب في سبيل أثبات وجهات نظرهم .. 


أساليب الجدل

ولأنه المشكلة الابرز في النقاشات فسنركز كلامنا هنا على الجدل و بعض أساليبه و كيفية العمل على تجنبه ما امكن . و أيضا سوف نسير من باب إنه إذا عرفنا العلة و مسبباتها و أعراضها فإنه من السهل اجتنابها و اتقاء الانجرار وراء الجدل الباطل: 

1- التعميم 
في هذا الاسلوب يقوم المجادل بتعميم ما طرحه المناقش ، و السبب أنه بتعميم الامر المطروح تكثر نقاط الاخذ ضد المناقش و بالتالي يصبح المناقش (إن لم ينتبه لذلك) في وضع حرجة محاولا الرد على كل ما يعتبره شبهات ، و هو لا يعلم أنه يحارب خارج المنطقة التي طرحها أصلا في البداية. هذا الاسلوب من الاساليب الاكفأ في تشتيت الحوار وبالتالي صعوبة الوصول الى نقطة اتفاق بخصوص الامر الاساس. و الامثلة زاخرة في هذا الموقع و غيره.

2- التخصيص
في هذا الاسلوب ينتقي المجادل حالة خاصة من الموضوع المطروح و يفرضه على المناقش. و في الغالب فإن الحالة الخاصة تحمل بذارا ً سلبية ضد الموضوع المناقش.. و خير مثال على ذلك ما حدث في مناقشة موضوع توفير فرص التعليم للبهائيين، حيث أخذ المجادل حالة خاصة تتمثل في الفاسدين من اولئك القوم ـ و عمّمها على الكل منهم. الحل الامثل لتلك المشكلة هي إجبار المجادل على إثبات عمومية الحالة الخاصة التي فرضها. أو إثبات أن تلك الحالة الخاصة هي ناتج ضروري من الموضوع العام .فإن حاول تجنب ذلك و بدأ يستطرد بناء على تلك الحالة الخاصة فاعلم انه يجادل لفرض رأيه.

3- تعليق النتيجة على شرط من ذات الامر المطروح 
في هذا الاسلوب يقوم المجادل بتعميم طرحه لكنه في نفس الوقت يعلق صحته على شرط أو عدة شروط خفية تكون من داخل الطرح نفسه ـ و مع ذلك يستمر المجادل يجادل بعمومية طرحه. و لتبسيط ذلك نأخذ مثال أرسطو: (الزنجي لونه أسود ، لكن من ناحية أسنانه فهو أبيض .. إذن الزنجي أبيض و أسود في نفس الوقت) ...من الواضح أن هذا الكلام سفسطة و جدل بالباطل.. لأنه يحتوي شرطا ينسف العمومية التي يدعيها لاحقا .. لكن دعنا نذهب الى مثال أكثر انتشارا في عالمنا الواقع و يسير خلفه خلق كثير للاسف... فمثال أرسطو هذا موجود عند أهل الاحاديث... حيث تراهم يصفون الراوي بأنه : صدوق له أوهام ... أو حافظ مقرأ يلحن .. لاحظ التناقض هنا: كيف يكون صدوقا و له أوهام ؟؟ هذا بالضبط كقول أرسطو أبيض و أسود عن الزنجي. .. و يمكن أن نسحب هذا المثال على كافة الاحاديث المنسوبة للنبي الكريم لأنها من عينة الزنجي الأسود و الأبيض على رأي أرسطو (أي في أحسن أحوالها ظنية لكنها صحيحة أو صحيحة لكنها ظنية). 
و في النقاشات العادية يدخل هذا الاسلوب لا شعوريا في الغالب عندما يستدرك المجادل بقوله (أنا لم أقصد كذا.. أو كان قصدي كذا.. أو يكون كلامي صحيحا إذا كان كذا....الخ ) ، و مع ذلك يستمر بالمجادلة بعمومية ما يقول... لاحظ هنا أن المجادل قد يعني ما يقول و لكنه في الغالب إذا كان مدركا لتلك التخصيصات و كانت مهمة فلماذا لم يذكرها من البداية؟ و أنت كمحاور تستطيع معرفة مدى صدق المجادل من عدمه عن طريق وزن و تقييم الشرط الذي وضعه المجادل لصحة كلامه.. فهو إن كان جزءا أساسيا من كلامه و ما يفتأ يتجاهله..فعندها المجادل هدفه فقط السفسطة أو فرض رأيه على الآخر.. و من ذلك أن يعطي أحدهم مقولة (على سبيل المثال فقط) : البهائيين كلهم شر مستطير.!! فنجد أحد ما يرد عليه قائلا: و لكن ماذا عن الاطفال البهائيين و النساء البهائيات و غيرهم ممن لا حيلة لهم و لا قوة؟ فترى المجادل ينسحب و يقول (لا!! لم أكن أقصد كلهم..الخ) لاحظ هنا أن المجادل قد يعني ما يقول لكن عندما يعود لك بعدها مرة اخرى بالتعميم أن البهائيين (بالتعميم) يجب تهميشهم..متناسيا ذلك الشرط الثقيل فهذا هو الجدل بعينه – أو هذا هو المقصود بفرض رأيه على الاخر. 

4- استغلال المفاهيم العامة أو النسبية

في هذا الاسلوب يقوم المجادل باستغلال مفهوم عام لصالحه و يكون هدفه في هذا الحالة هو تركيز النقاش نحو جهة واحدة ـ هذه الجهة الواحدة تؤدي الى تغيير نتائج الحوار بشكل عام. و لأعطي مثال على ذلك دعونا نأخذ بعض ما يقال عن البهائيين (كمثال لاغير) فتجد المجادل يصر على تكرار مقولة أن: البهائيين شر مطلق ، ومن ثم يستخدم هذه المقولة لإطلاق أحكامه عليهم! لاحظ هنا ان مفهوم كلمة "شرّ" هو مفهوم مطاط جدا و يمكن جره لأي اتجاه ، كما يمكن تخفيف أو زيادة قيمته حسب ما يتم ربطه به. و لذلك عليك كمحاور ان تضغط بهدف معرفة ماذا يقصد المجادل بقوله (شر!) ، لأنه من الممكن أن تعريف الشرّ عند ذلك المجادل يختلف كلية عن ما تفكر أنت به كمحاور ـ و بالتالي يبقى الجدل دائرا حول أشياء مبهمة. 
هذا الاسلوب يحدث كثيرا عندما يظنان أنهما يتكلمان عن نفس الشيء في حين كل منهما يحصر تفكيره في اتجاه مخالف. و في الغالب يكون سبب المشكلة هو عدم تعريف أحد المفاهيم المطاطة أو النسبية ، أو حتى من الممكن أن يتكلم الاثنان عن مصطلح لكن كل منهما يحمل تعريفا مختلفا عما عند الاخر. لذا و لكي نتجنب هذا الجدل فإنه يفضل عدم استخدام المفاهيم العامة ((كقوله -أعني المجادل- انهم شر!! أو قوله أنهم متطرفون!! أو مخالفون! أو انتقائيون! أو متحيزون! أو حتى كافرون!! .. الخ)) .. فهذه كلها من المفاهيم الفضفاضة و التي لا تعني شيئا إن تم إطلاقها هكذا سوى الجدل بالباطل .. و بالتالي يجب المطالبة بتوضيح و تعريف (الافضل مع أمثلة ) ماالمقصود بتلك الكلمات المطاطة – لأن ما يعتبره هو متطرف قد لا تعتبره أنت متطرف.. الخ ). 

5- الاختلاف على أهداف داخلية قد تؤدي الى الهدف النهائي

في كثير من الاحيان قد يتفق المتحاوران على طريقة الجدل لكنهما يختلفان في بعض الاهداف الداخلية (أو المرحلية) و التي قد تكون ضرورية للهدف الاخير... و الحل الامثل لهذه الحالة هو إلغاء الهدف النهائي أصلا و عدم التقدم قدما حتى يتم الاتفاق على الاهداف المرحلية.. لأن ما يحدث في الغالب هو ان المتحاورَيـْن يتقدمان نحو الهدف النهائي ، فإن بدا أن أحدهم قد أحرز نصرا هناك، يقوم الاخر بالتذكير بهدف مرحلي كان عليه اختلاف ، و من ثم يدعى أن النتيجة كلها كان من الممكن أن تتغير إن حصل اتفاق آخر على ذلك الهدف المرحلي.. و هكذا دواليك يتم الدوران في حلقة مفرغة من الجدل الباطل. 
و لإعطاء مثال على ذلك .. إفرض أن الهدف النهائي هو تقرير ما إذا كانت الاحاديث جزء من الدين أم لا.. و أحد الاهداف المرحلية للوصول الى ذلك هو تبيان أهميتها في الحياة.. فقد يدعي المجادل أن "الحديث مهم لأنه يعطي تفاصيل" ...و يكون الرد بنفي "أصلا لأن الحديث بعطي تفاصيل فهو مش مهم." .. هذا الهدف المرحلي بحاجة الى نتيجة لإنه لا نستطيع أن نحكم على الهدف النهائي دون نتيجة لهذا الهدف المرحلي.. و المشكل هنا هو الاتفاق على معنى الاهمية (لأن كلمة مهم هي مفهوم فضفاض كما بينا في نقطة سابقة ) فعند البعض قد يجدها رعاية إلهية له أنه وفر له كتالوج يعلمه كيف يستحم مثلا.. في حين أن الاخر يجدها تضييق على النفس بسبب كثرة التعليمات.. الخ. إذن ، يجب الاتفاق قبل الحوار على معنى الاهمية و علاقتها بالتشريع الالهي للبشر...و هل كل شيء مهم يستوجب تشريعا أم ليس بالضرورة!...الخ... و قد يتفق المتحاوران على تنحية جانب الاهمية من أساسه في حوراهما. 

6- البدء بمعلومة هي أصلا محل خلاف 
من أشهر طرق الجدل هو البناء على معطيات من الصعب أو المستحيل اثباتها ، و تكون محل خلاف أو عدم اتفاق بين المتحاورين.. و خير مثال على ذلك الحوار الذي دار حول قضية صلب المسيح و قتله . و المشكلة في ذلك الحوار (و ما شابهه) أن المجادل يفترض أن الاخرين ملمّين و متفقين معه على "حقيقة" ما.. و بناء عليه يستطرد في اشتقاق النتائج من تلك الحقيقة المفترضة. و لكن بما أن الاخرين لا يثقون و لا يعتدون بتلك المعلومة تراهم يناقشون المجادل من باب النفي أو التشكيك .. و هذا يتسبب في فشل النقاش لاحقا.. لذا فالحل الامثل لتلك المشكلة هو مطالبة المجادل بإثبات تلك المعلومة المفصلية التي جاء بها ( وفق مصادر او مراجع متفق عليها) قبل التقدم في النقاش... فإن حاول المجادل تجنب ذلك ، فاعلم أنه يجادل بالباطل عندها أو لفرض رأي عنده. 

7- التراشق بالاسئلة

في هذه الحالة قد يطرح أحدهم مسألة غير واضحة المعالم.. فيرد المجادل حينها بمزيد من الاسئلة و في عدة اتجاهات بحيث يجعل الطرف الاخر محتارا كيف يبدأ الاجابة ، فيضطر الى سؤال المجادل مرة أخرى فيرد المجادل بمزيد من الاسئلة باتجاه آخر.. و هكذا دواليك..يستمر الجدل بلا طائل. و الملاحظ أن المجادل قد ينتقي بعض الاسئلة التي تروق له ، و يبدأ ببناء و نسج إجاباته بهدف سحب و جر الطرف الاخر لذلك الاتجاه. .. و الدافع الاساس وراء ذلك أن المجادل يستشعر ضعفا عند الطرف الاخر إن جاء رده بأسئلة بدلا من تفصيلات.. فالمجادل يركن الى أن التفصيلات كثيرة الكم مما يجعل الطرف الاخر يجنح مضطرا الى أسئلة تركيزية قد تفضي لمصلحة المجادل بحرف و تحوير الموضوع تحت النقاش من أساسه. 

8- نسف النقاش باصطناع غاية غير مقصودة 
في الغالب.. بدلا من أن يناقش المجادل في الحجج المطروحة أمامه ، تراه يصطنع و يخترع هدف(أو غاية) ينسبه(ـا) للمحاور و من ثم يلزم المحاور به و يلصقه به كتهمة.. ونظرا لأن ذلك الهدف أو الغاية قد يبدو منطقيا (وحساسا) ، فعندها يضطر المحاور الى الدفاع عن نفسه يائسا لتبيان أنه لم يكن يقصد ذلك. الامر الذي يغير مجرى النقاش كليا. 
من أبرز الامثلة على ذلك هو ما يحدث عند نقاش العلمانية و الحريات الشخصية و كيف أنه يجب أن تصان من خلال قوانين.. فعندها يقوم المجادل باختراع تهمة مفادها ان غاية الطرف الاخر هو تشجيع الزنا و شرب الخمر .. الخ لأنه يندرج تحت مسمى الحرية الشخصية... فعندها (و نظرا لوقع هذه التهمة على الاسماع) يضطر المناقش الى بيان أن هدفه ليس ذاك! و أنه من الممكن إيجاد حلول و تشريعات لتلك المشاكل..الخ....الامر الذي يؤدي الى إزاحة النقاش الى اتجاه آخر. و من مثله أيضا في النقاش الذي جرى في الموقع بخصوص قضية صلب و قتل عيسى المسيح.. كان الجدل في معظمه هو إثبات/ عدم اثبات "تهمة" الانتماء للمسيحية أو تهمة "تقديم تنازلات عن المباديء" ((كلمة تهمة هنا تعني غاية مفترضة من قبل المناقش يكون وقعها شديد على السامعين)) ، في حين أن النقاش كان أساسا هل صلب المسيح أم لم يصلب. الامر الذي أدى الى تشتيت النقاش في عدة محاور غير مترابطة (بغض النظر عن النوايا). 

و في الختام – فإن ما عرضته هو مجرد تذكير بجعل النقاش نقاشا حيا ملتزما نحو تحقيق هدف و تثبيت معلومة مفيدة تنفع الطرفين .. و ليس مجرد جدل هدفه الوحيد هو تحقيق النصر أو الفوز ضد فلان أو علان. 

و ندعو الله أن ينفعنا بما علمنا و أن يعلمنا ما ينفعنا..و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..

31 مارس، 2015

الوعى الجمعى الرجعى

المتامل لما يحدث فى مصر والمنطقه العربيه ومايدور حولنا فى الشوارع وفى المدارس والجامعات والمساجد ،،،،،،،،الى اخره من مؤسسات الدوله المصريه ،سيجد ان الوعى الجمعى للشخصيه المصريه النابضه بالفكر والنقد والابداع منذ الازل قد صار وعيا جمعيا رجعيا
ان ما نعانيه اليوم من ارهاب وفرض وصايه دينيه او فكريه على الشعب المصرى والمنطقه باسرها هو فى واقع الامر نتيجة طبيعيه وحتميه لسنوات طويله امتدت لاكثر من اربعين عاما من التعبئه الشعبويه الدينيه بواسطة كهنة الفقه البدوى الذى شوه ليس فقط الاصول الثابته للعقيده الاسلاميه ولكنه فى ذات الوقت زرع عداءا للمواطنه والوطنيه والتنوير فى نفوس الاجيال الحاليه من الشباب وممن يقتربون من مرحلة الشيخوخه . الاكثر قبحا ان هؤلا ء الاحبار والرهبان قد وضعوا كل ما يخالف شريعتهم بديلا للاسلام ونقيضا له بل اوهموا العامه كل تابعيهم ان كل ماعداهم عو حربا على الاسلام وانصرافا عنه !! الاكثر مراره وغضاضه ان هؤلاء الكهنه والاحبار ، لم يعد شبابنا ونساءنا يتبعون افكارهم او يقدسونها بل صارت شخصيه الحبر الاعظم منهم لها قدسية اهم من النص القرانى
ان الخروج من هذا المأزق الذى نحياه اليوم لم ولن يكون سوى بازاله اسباب تمكنه وتجذره وانتشاره بين كل فئات الشعب المصرى ،
ولايخفى على احد ان التعليم والاعلام وانماط الشخصيه والثقافه ووسائل الاعلام والصحف والمجلات لعبت الدور الاكبر فى تأصيل وزرع هذا الفكر
اعتقد انه لو تصدرت كتب الاعمال الفكريه للتنويريين المصريين المطابع والمكتبات واعدنا لهم مكانتهم فى مناهج التعليم وفى الجامعات وفى كتب وزاره الثقافه والاوقاف وباسعار زهيده تناسب كل فئات المجتمع خاصة الشباب منهم نكون قد وضعنا خطى شبابنا على اول طريق استعادة الوعى الجمعى الحقيقى للشخصيه المصريه التى تحمل كل جينات وملح الارض المصريه بدلا من تحول هذا الوعى لوعى جمعى متخلف ورجعى سيهدم كل ما نحاول ان نبنيه على انقاض مشايخ مروجى سياسه تربوا فى ظل انظمه حافظت عليهم كفزاعه بدات بهم وقضت عليهم مع ثالوث الفقر والجهل والمرض الذى اسس لكل مانعانيه اليوم من فساد وارهاب كلاهما لايقل هدما وتخريبا عن الاخر
ان المعركه ليست طويله وليست شاقه ولكن اردة الاداره بطيئه وممله وستكون
العواقب وخيمه لو لم نلقى عن ظهورنا كل مكابح التنوير والتقدم بلا مواربه او خوفا

13 فبراير، 2015

الخوارج سياسياً وتاريخياً




ظهور الخوارج
الخوارج: فرقة ظهرت في النصف الأول من القرن الأول الهجري، وبالذات في مناسبة حرب صفين التي دارت بين امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الخليفة الشرعي من جهة، وبين معاوية بن أبي سفيان، الذي كان يحاول الاستئثار بهذا الامر لنفسه من جهة أخرى، حيث رأى معاوية: أن علياً سيربح الحرب لو استمرت، فأمر ـ بمشورة من عمرو بن العاص ـ برفع المصاحف، الأمر الذي إنجر إلى التحكيم. وكان أولئك المعترضون على قبول علي للتحكيم هم أنفسهم الذين كانوا قد أجبروه عليه من قبل، كما اعترفوا به هم أنفسهم، كما صرحت به النصوص التاريخية الكثيرة جداً، وهذا ما يكذب ما يدعيه البعض من أن الخوارج كانوا هم المعارضين للتحكيم من أول الأمر.
نعم.. إن هؤلاء قد حكموا على علي عليه السلام بالكفر لأجل قبوله التحكيم الذي أجبروه هم عليه، كما كفروا الخليفة الثالث عثمان بسبب بعض المخالفات التي صدرت عنه في السنين الأخيرة من خلافته، هذا فضلاً عن تكفيرهم طلحة والزبير وعائشة وغيرهم.
ثم إنهم خرجوا على علي عليه السلام وحاربوه، وكان من جملة ما احتجوا به لحربهم إياه: أن قالوا: "زعم أنه وصي فضيّع الوصيّة" كما ذكره اليعقوبي، نعم وهؤلاء بالذات وأتباعهم هم الذين سموا بالخوارج، وهم محط بحثنا الآن.
موقف علي عليه السلام من الخوارج:
وقد عالج أمير المؤمنين عليه السلام قضية الخوارج بحكمة ومرونة، ثم بحزم وبحسم ايضاً، حيث حاول أولاً أن يقنعهم بخطأهم في تصوراتهم ومواقفهم، فناقشهم ووعظهم هو وأصحابه: ابن عباس وغيره، وأقاموا عليهم الحجة، حتى رجع منهم الألوف.
ويلاحظ هنا: أنه عليه السلام ينهى ابن عباس عن أن يخاصمهم بالقرآن، فإن القرآن حمال ذو وجوه، ولكن يخاصمهم بالسنة، فإنهم لن يجدوا عنها محيصاً.
كما أنه هو نفسه قد التزم بذلك إلى حدٍ كبير، حيث نجده يهتم بأن يحتج عليهم بأقوال النبي(ص) وأعماله بالدرجة الأولى، فاحتج عليهم بأنه (ص) قد رجم الزاني ثم صلى عليه وورثه أهله، وقتل القاتل كذلك، وقطع السارق وجلد الزاني غير المحصن، ثم قسم عليهما من الفييء، ونكحا المسلمات، فأخذهم (ص) بذنوبهم، ولم يمنعهم سهمهم من الإسلام ولا أخرج أسماءهم من بين أهله.
واحتج عليهم أيضاً بمن النبي (ص) على أهل مكة فلم يسب نساءهم ولا ذريتهم، وبمحوه (ص) كلمة: (رسول الله) من صحيفة الحديبية، وبإعطائه النصفة لأهل نجران، حيث قال: "ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين" وبتحكيمه سعد بن معاذ في بني قريظة الذين نقضوا العهد.
ولكن.. رغم كل تلك المحاولات والمواعظ والاحتجاجات، ورغم رجوع الألوف منهم عن غيهم، فقد بقيت بقيّة حوالي أربعة آلاف أبو إلا البقاء على ما هم عليه، ومحاربته، وقتلوا الأبرياء، حتى النساء، وأخافوا السبيل، وأفسدوا في الأرض، فاضطر عليه السلام لمحاربتهم لدفع شرهم، وإخماد نار فتنتهم، فحاربهم، وقتلهم، ولم يفلت منهم إلا أقل من عشرة كما لم يستشهد من أصحابه إلا أقل من عشرة، كما أخبر به عليه السلام قبل ذلك.
ويقول المؤرخون: إن الذين أفلتوا من القتل قد اصبحوا بذرات بذرات أخرى للخوارج في مناطق عديدة فيما بعد.
وأما أولئك الذين استأمنوا، فقد صاروا يخرجون على عليّ عليه السلام وعلى غيره بعد ذلك، فخرج منهم ألفان على الإمام في النخيلة فقضى عليهم. ثم صار الخوارج يخرجون عليه في شراذم قليلة في بضعة مئات او أقل أو أكثر في الأنبار، وماسبذان، وجرجرايا، والمدائن، وسواد الكوفة، فكان يقضي على حركاتهم تلك الواحدة تلو الأخرى بيسر وسهولة.
أنا فقأت عين الفتنة:
ويقول عليه السلام عن حربه للخوارج ولغيرهم:
"أنا فقأت عين الفتنة، ولم تكن ليجرؤ عليها أحد غيري بعد أن ماج غيهبها واشتد كلبها".
وفي رواية أخرى لهذا النص بدل ذيل الكلام: "ولو لم أكن فيكم ما قوتل الناكثون، ولا القاسطون، ولا المارقون".
وفي نص آخر: "ما قوتل أصحاب الجمل والنهروان".
ويبدو أن سر ذلك هو أنه قد كان على رأس الناكثين: طلحة والزبير، وهما من أهل السابقة في الإسلام، ثم أم المؤمنين عائشة زوجة الرسول، وبنت الخليفة الأول أبي بكر، المرأة الذكية والشجاعة، والتي كانت تحظى بعناية ورعاية خاصة من قبل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، الذي يتميز بعظمة خاصة في نفوس الناس، وشاع وذاع عنه ما لا يمكن تجاهله أو إنكاره.
وكان معاوية يتزعم القاسطين، وعمر هو الذي جعله على بلاد الشام، وكان يعامله معاملة متميزة، وبقي على عمله إلى أن توفي وعمر، ثم طيلة خلافة عثمان، وتربى أهل تلك البلاد على أفكاره واتجاهاته، وأصبحت بلاد الشام سفيانية كما أشار إليه الأصمعي وغيره. ثم هناك الشبهات التي كان يلقيها معاوية في الناس بالنسبة لمقتل عثمان.
أما المارقون.. فكانوا معروفين بالعبادة والزهد، فالإقدام على حربهم وقتلهم لم يكن أمراً سهلاً وميسوراً لكل أحد.
أما علي عليه السلام.. فقد كانت مكانته بين المسلمين معروفة لدى كل أحد، وكانت الأمة لا تزال تسمع من وعي النبي(ص) الكثير الكثير مما يدل على فضله، وأنه مع الحق والحق معه، وانه منه بمنزلة هارون من موسى. حتى ليصبح قتاله للخوارج ولغيرهم حتى عائشة دليلاً صريحاً على تعديهم وظلمهم، أو خطائهم في موقفهم على الأقل.
نعم.. وقد رأينا الكثيرين من الخوارج عليه ـ عليه السلام ـ يشكون في صحة وسلامة موقفهم منه، حتى إذا جاء العهد الأموي بدءً من معاوية قالوا: قد جاء الآن ما لا شك فيه. ثم أخذوا على عاتقهم مهمة قتال الامويين بكل ضراوة وعنف، كما هو معلوم.
لا تقتلوا الخوارج بعدي:
وبعد.. فإنا نجد علياً الذي يحارب الخوارج ويستأصل شأفتهم يوصى الناس وشيعته بأن لا يقاتلوا الخوارج بعده، ويعلل ذلك بأنه ليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه.
وأيضاً.. فقد ذكرت الحرورية عنده، فقال: إن خرجوا على إمام عادل أو جماعة فقاتلوهم، وإن خرجوا على إمام جائر فلا تقاتلوهم، فإن لهم في ذلك مقالاً.
ولعل سر ذلك هو:
أولاً: إن الخوارج في المستقبل سيقاتلون الأمويين الذين كانوا أشد خطراً على الإسلام والأمة، لأن دعوتهم وطريقتهم تستهوي النفوس الضعيفة، لأنهم يدعون إلى الدنيا وإلى زبارجها وبهارجها، وهذا ما ينساق إليه الناس بغرائزهم ويلائم هوى نفوسهم. كما أنهم قد تلاعبوا في عقائد المسلمين وغيروها وأدخلوا عليهم فيها الشبه والإسرائيليات وغير ذلك مما لا مجال لذكره هنا. في حين أنه كان لهم القدح المعلى والقدم الثابت في الانحراف، مع خبث نفوسهم، وشدة ظلمهم وفجورهم.
يقول علي عليه السلام بعد كلامه السابق عن الخوارج: "ألا إن أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني أمية فإنها فتنة عمياء مظلمة، عمت خطتها، واصاب البلاء من ابصر فيها، واخطأ البلاء من عمي عنها. وأيم الله، لتجدن بني أمية لكم أرباب سوء، كالنار الضروس تعذم بغيها، وتخبط بيدها، وتزبن برجلها، وتمنع درها. إلى أن قال: لا يزالون بكم حتى لا يتركوا منكم إلا نافعاً لهم، أو غير ضائر بهم. إلى أن قال: ترد فتنتهم شوهاء مخشية، وقطعاً جاهلية، ليس فيها منار هدى، ولا علم يرى".
اما دعوة الخوارج فلم يكن لها ذلك الخطر، وذلك لما يلي:
ألف: لقد كان الخوارج ـ عموماً ـ أعراباً جفاة، لا ثقافة ولا معرفة لديهم، يشكلون بها خطراً على الدين بشبهاتهم وانحرافاتهم.
ب: إن دعوتهم لم تكن تنسجم مع الفطرة ولا تتقبلها العقول. وإذا ما استهوت بعض شعاراتهم بعض البسطاء والسذج لبعض الوقت فإنها لا تلبث أن تنحسر وتتلاشى بمجرد دعوتهم إلى الفطرة، والعقل السليم، والفكر المستقيم.
يضاف إلى ذلك: حديتهم المشاهية في التعامل مع سائر المسلمين حيث لم يكن قلوبهم تعرف الرحمة والشفقة حتى للأطفال والنساء.
فالأزارقة وقد كانوا اعظم فرقهم واشدها شوكة، وقد استولوا على الأهواز وأرض فارس وكرمان وجبوا خراجها سنوات عديدة. إن هؤلاء يقولون بكفر جميع من عداهم، ولا يحق لأصحابهم المؤمنين منهم أن يجيبوا أحداً من غيرهم إلى الصلاة إذا دعا إليها، ولا أن يأكلوا ذبائحهم، أو يتزوجوا منهم، أو يرثوا منهم، أو يورثوهم، ويكون غيرهم مثل كفار العرب، وعبدة الأوثان، لا يقبل منهم إلا الإسلام والسيف، ودارهم دار حرب، ويحل قتل أطفالهم ونسائهم، ويحل لهم الغدر بمن خالفهم، ولا تجوز التقية، إلى غير ذلك مما لا مجال لذكره هنا.
ج: إن الخوارج إنما حاربوا علياً عليه السلام لشبهة تمكنت من نفوسهم، وزين لهم الشيطان أنهم ظاهرون ومنتصرون، فهم قد طلبوا الحق فوقعوا في الباطل. وإذا كان قد خالط ذلك الشيء من حب الدنيا والمصالح الشخصية والمفاهيم الجاهلية، والعصبيات القبلية، فإنما كان ذلك ملبساً بلباس ديني، وشبهة كانت طاغية على فهمهم وإدراكهم ومبررة على هذا الأساس، فكانوا ـ كما عن علي عليه السلام ـ مصداقاً لقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾.
ثانياً: إن ظاهر الخوارج هو أنهم من العباد والزهاد، فمن يتصدى لحربهم ـ سوى علي عليه السلام ـ لم يكن يستطيع أن يدافع عن نفسه كثيراً ولاسيما إذا كان الإعلام ـ حتى الأموي ـ ضده، ويعمل على تشويهه، وتحطيم كل مقومات حياته ووجوده.
كما أن العراق الميال لعلي وأهل بيته عليهم السلام سينشغل بقضية لن تكون نتائجها إلا زعزعة ثباته، وتمزق أوصاله، ويقلل من فرص إجتياح المد الشيعي على شكل التعاطف مع اهل البيت لمناطق أخرى تقع في نطاق اهتمامات الحكم الاموي.
كما ان تولي هؤلاء لحرب الخوارج معناه أن يتحملوا هم آثار الحرب ومخلفاتها غير المرغوب فيها، ولاسيما ما ينشأ عن سفك الدماء عادة من الأحقاد، ثم زعزعت الثوابت على الصعيد القبلي والعاطفي.
ثالثاً: لقد كان الشيعة قلة ومضطهدين من قبل الحكم الأموي، فتكليفهم بقتال الخوارج معناه المزيد من إضعافهم هم والخوارج مع بقاء الحكم الأموي محتفظاً بكامل قواه، يتحكم بمقدرات الأمة، ويسومها الخسف والذل.
وقد حاول الأمويون ابتداء من معاوية الزج بأهل البيت وشيعتهم في حرب الخوارج فأرسل معاوية إلى الإمام الحسن عليه السلام وهو في طريقه من الكوفة إلى المدينة يدعوه لحربهم، فرفض عليه السلام طلبه وكتب إليه: "لو آثرت أن أقاتل أهل القبلة لبدأت بقتالك"، وفي مناسبة أخرى على ما يظهر يذكره عليه السلام بأن ليس من طلب الحق فأخطأه، كمن طلب الباطل فأدركه فأسكت معاوية.
إلا أن الظاهر هو أن الأمويين قد استطاعوا أن يجيبوا الشيعة على حربهم، وقد نكل الحجاج بأهل العراق، وقتل من قتل وفعل بهم الأفاعيل في مجال إرغامهم على ذلك.
علي عليه السلام وجرحى الخوارج:
ويقول البلاذري عن حرب النهروان:
"ووجد علي عليه السلام ممن به رمق أربع مائة فدفعهم إلى عشائرهم ولم يجهز عليهم ورد الرقيق على أهله حينما قدم الكوفة، وقسم الكراع والسلاح وما قوتل به بين أصحابه"، وهذا معناه أنه حينما أخبر عليه السلام أنه لا يفلت منهم عشرة كان يقصد أنه لا يفلت منهم ولو من الجراحة نعم.. وكذلك فعل عليه السلام مع جرحاهم الأربعين في سواد الكوفة وذلك يعبر عن انه عليه السلام إنما كان يتعامل معهم من منطلق إنساني إسلامي بعيداً عن أي تأثر وانفعال ولم يكن كأولئك الذين لا ينطلقون في مواقفهم إلا من مصالحهم الشخصية وعلى أساس من انفعالاتهم وعصبياتهم.
عوامل ساعدت على ظهور الخوارج:
وبعد.. فلم يكن ظهور الخوارج في مناسبة حرب صفين أمراً عفوياً وليد ساعته، وإنما كان ثمة أجواء ومناخات، وعوامل وأسباب ساعدت على ظهورهم، ونذكر منها:
العامل الثقافي الناقص أو المنحرف، حيث كانوا في الأكثر أعراباً جفاة، لم يستضيئوا بنور العلم، ولا اهتدوا بهدى العقل.
إن أكثرهم كانوا من تميم، وهي من ربيعة، وكانت القبائل الربعية ـ حسبما يراه البعض ـ تحسد قريشاً على استيلائها على الخلافة، وبينها وبين مضر إحن جاهلية، خفف الإسلام من حدتها، ولم يذهب بكل قوتها. ولعل لأجل ذلك نجد أبا حمزة الخارجي حينما غزا المدينة كان يقتل القرشي ويدع الأنصاري، كما أن الأصمعي يصف الجزيرة بانها خارجية، لأنها مسكن ربيعة، وهي رأس كل فتنة.
لقد شاع عن الخوارج: أنهم من الزهاد والعباد حتى اعتقد كثير من الباحثين: أن ثورتهم كانت خالصة لله تعالى، ولم يكن للدنيا في تفكيرهم أي نصيب. ولكن الذين يبدو هو أن الدنيا كانت تستأثر بجانب كبير من تفكيرهم، واهتماماتهم، وقد كان لمفاهيمهم الجاهلية، وعصبياتهم القبلية ومصالحهم الشخصية، وأملهم بالفوز والنصر أثر كبير في إصرارهم على موقفهم ذاك من علي(ع) والذي كان مبنياً على حالة من الشك والتردد كما صرحوا به أنفسهم وكما صرح به الإمام الصادق عليه السلام. أما موقفهم من الامويين وغيرهم من حكام الجور فقد كان لهم فيه مقالاً ـ كما عن علي عليه السلام ـ ولم يكن لديهم أدنى شك في صحته وسلامته. ولكن ذلك لا يعني أنهم في حربهم لهم لا يطلبون الحكم والسلطان، أو الحصول على شيء من حطام الدنيا أيضاً، فإن ذلك كان مد نظرهم، ومطمح نفوسهم، وكشاهد على كل ما تقدم نذكر:
ألف ـ إن علياً عليه السلام يقول عنهم: "غرهم الشيطان، وأنفس بالسوء أمارة، غرتهم بالأماني، وزينت لهم المعاصي، ونبأتهم بانهم ظاهرون".
ويدل على صحة ذلك: ما كانوا يرتكبونه من جرائم وموبقات في حق الأبرياء حتى النساء والأطفال، وحتى قبل معركة النهروان أي قبل أن يضعوا لأنفسهم منهجاً عقائدياً يبيح لهم تلك العظائم والجرائم.
ب ـ إن من جملة ما نقموه على علي عليه السلام: أنه لم يقسم بينهم السبي في حرب الجمل، كما قسم بينهم الغنائم.
ج ـ إن شيخاً منهم بعد أن رجع عن مقاتلتهم أخبر عنهم: أنهم كانوا إذا هووا أمراً صيرون حديثاً.
د ـ إن شبيب بن يزيد الشيباني قد طلب من عبد الملك أن يفرض له في أهل الشرف، فرفض، فغضب وجمع الرجال، وخرج عليه يحاربه.
وقد أخذ أتباعه عليه، أنه كان لا يطبق التعاليم الخارجية على قومه. أما نجدة الخارجي، فلم يعاقب رجلاً كان يشرب الخمر في معسكره، بحجة أنه شديد النكاية على العدو. وبعض زعمائهم وهو عبيدة بن هلال يتهم بامرأة حداد، فيحتال خليفتهم (قطري بن الفجأة) لتبرئته.
هـ ـ وفي بعض حروبهم: (جعلت الخوارج تقاتل على القدح يؤخذ منها، والسوط، والعلف، والحشيش، أشدّ قتال).
و ـ وزياد بن أبيه يولي أحدهم سابور ويرزقه أربعة آلاف درهم كل شهر، فيلزم الطاعة، ولا يفارق الجماعة، على حدّ تعبيرهم كما أن زياداً حينما يعطيهم ما يركبون يقبلون بالتردد عليه، والسمر عنده.
ز ـ بل إننا نجدهم مستعدّين لان يقتل بعضهم بعضاً في قبال إطلاق سراحهم من سجن ابن زياد.
إلى غير ذلك من الشواهد التي لا مجال لتتبعها.
4 ـ إن العراق الذي كان على اتصال مباشر بغير العرب قبل فتحه في عهد عمر بن الخطاب، الذي كان له سياسة خاصة في تمييز العرب على غيرهم، كان ينظر إلى الخليفة الثاني نظرة خاصة متميزة، حتى إن علياً لم يستطع أن يمنع جنده من صلاة التراويح حيث تنادوا: يا أهل الإسلام غيرت سنة عمر، كما لم يستطع أن يعزل شريحاً عن القضاء، لأنه منصوب من قبل عمر، وقد بايعوه على أن لا يغير شيئاً مما قرره أبو بكر وعمر، على حد تعبيرهم. وأصحاب الجمل أيضاً قد نادوا بأمير المؤمنين: أعطنا سنة العمرين وقال الخوارج لقيس بن سعد: "لسنا متابعيكم أبداً أو تأتونا بمثل عمر" إلى غير ذلك مما يدل على عظمة الخليفة الثاني في نفوس الناس والخوارج بالذات.
وما اشتهر من ان الكوفة كانت علوية؛ فإنما كان ذلك بعد استيطان علي عليه السلام لها، وبذله الكثير من الجهود في سبيل توعية أهلها على الكثير من الحقائق التي كان لابد لهم من التعرف عليها. ومن ذلك مناشدته للناس بحديث الغدير في رحبة الكوفة، وفي صفين، وإخباراته الغيبية الكثيرة لهم، ومنه إخباره بمصير أهل النهروان، وبحديث المخدّج، وغير ذلك.
ومع ذلك فلم يكن في الكوفة خمسون رجلاً يعرفونه حق معرفته، وحق معرفة إمامته كما عن الإمام الصادق، وإنما يحاربون معه وفاء بالبيعة التي كانت له في أعناقهم، بالإضافة إلى ما سمعوه من وعن النبي صلى الله عليه وآله في فضله الأمر الذي جعل له مكانة واحتراماً خاصاً لديهم.
5 ـ إن العراق قد فتح في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ليواجه الحياة العسكرية، ويتحمل آثارها النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وإذا كان يرافق ذلك عدم توفر العمق الإيماني إلا في حدود العواطف والأحاسيس وعدم توفر العناية الكاملة بالتربية الإسلامية، والتأهيل لاستيعاب التعاليم الإلهية، ثم التفاعل معها بالشكل المناسب والمقبول، والمفاهيم الجاهلية، والأهواء 
والطابع المميز للحياة آنئذٍ، ولاسيما على مستوى الزعامات القبلية، مع فارق وحيد، وهو أن ذلك أصبح يتلون ويتلبس باسم الدين، ويستفاد منه في التمرير والتبرير، والدين من ذلك كله برئ.
6 ـ إن الذين حاربوا علياً في وقعة الجمل، والذين يتعاطفون مع عثمان في محنته التي تعرض لها، قد أصبحوا الآن في جيش علي عليه السلام فقد كان حي الناعطين في الكوفة عثمانياً، كما أن الناس كانوا بعد حرب صفين، فيهم المعجب بنتائجها، وفيهم الكاره، والغاش والناصح كما يقولون. وإذن.. فليس لنا ان نتوقع من هؤلاء بملاحظة حالتهم الثقافية الدينية، وعلاقاتهم القبلية، وغير ذلك، أن يكونوا مخلصين له كل الإخلاص. ولاسيما وانهم هم الذين يتحملون أعباء الحرب وآثارها لا يرون أنهم يحصلون في مقابل ذلك على نفع يذكر حسب مقاييسهم ومفاهيمهم عن الربح والخسران في حالات كهذه.
وإذا كان علي عليه السلام لا يقيم وزناً للزعامات القبلية ويقيم علاقاته معها على أساس ما تملكه من معان إنسانية نبيلة، وما تقدمه من خدمات في سبيل الدين والإنسان، ولم يكن ليميّز أحداً على أحد مهما كانت الظروف والأحوال. وإذا كان أهل الشام يعتبرون قضية معاوية قضيتهم، ومصيره مصيرهم، وهو يبذل الأموال فيهم، ويشتري الرجال ـ إذا كان كل ذلك ـ فإن الفرصة تكون مواتية لمعاوية ليصطاد الزعامات القبلية في عراق علي بالذات، ويتحفهم بالأموال والأماني سراً وجهراً، ويكيد بهم علياً والإسلام. ولم يكن ثمة مناعات أو حصانات كافية للوقوف في وجه أمر كهذا، حسبما تقدم.
تركيبة الخوارج:
أما تركيبة الخوارج، فلم تكن لتشجع على التفاؤل ـ فبالإضافة إلى أنهم أعراف جفاة يهيمن عليهم الجهل والقسوة ـ قد كانوا أخلاطاً من العرب والموالي، والعرب منهم يحتقرون الموالى. كما أن معظمهم كان من السفلة فلم يكونوا من اهل البيوتات المعروفة بالشرف والسؤدد، ولا كان ثمة تقارب في المآرب والأغراض التي كان كل منهم يطمح إلى تحقيقيها، ولذا.. فقد كان من الطبيعي أن تكثر بينهم التحزبات والإنقسامات، وليترك ذلك آثاراً بارزة على قدراتهم، وفعالية مواقفهم وحركاتهم.
الخوارج.. والأمويون:
وأما بعد عهد علي(ع) فلقد حارب الخوارج الأمويين بضراوة وعنف، حتى أنهكوا الحكم الأموي، ومهدوا السبيل لإسقاطه، وكان إنشغال مروان الجعدي بحربهم مانعاً له عن أن يمد يد العون لعامله نصر بن سيار الذي كان يواجه الضربات الساحقة من أبي مسلم الخراساني القائم بأمر الدعوة العباسية، بل إن المهلب بن أبي صفرة الذي قاتل الخوارج في عهد الزبيريين والأمويين معاً قد حاول الاستفادة من شخصية وشعارات طالما جهد الزبيريون والأمويون في طمسها والقضاء عليها، فيخطب أصحابه محرضاً لهم على قتالهم، فيكون مما يقول: "قاتلوهم على ما قاتل عليه أولهم علي بن أبي طالب صلوات الله عليه"، ثم جعل شعار أصحابه ـ لو تعرضوا للبيات من قبل الخوارج ـ: (حم، لا ينصرون) وهو شعار النبي(ص)، ويروى أنه كان شعار أصحاب علي بن أبي طالب عليه السلام، كما يروي المعتزلي.
ويبدو أن سياسة الأمويين الظالمة تجاه الناس، قد ساهمت في إقبال الناس على الإنخراط في سلك الخوارج لمحاربتهم حتى ليبلغ عدد جيش الضحاك الخارجي مئة وعشرين ألفاً كما يقولون.
الخوارج في العهد العباسي:
كما أن الخوارج قد حاربوا العباسيين في مناسبات كثيرة، ولكن بفعالية أقل مما كانت عليه في السابق، فإن جذوتهم بدأت تخبوا، وخطرهم بدأ ينحسر، ولذا فلا نرى لتفصيل الكلام في حركاتهم كبير فائدة.
نعم.. لابد من الإشارة إلى أن نحلة الخوارج قد ظهرت في أواخر العهد الأموي بين البربر في الشمال الإفريقي وقوى أمرهم، وحاربوا حكام تلك البلاد، حتى سيطروا على القيروان حتى أخرجها منهم يزيد بن حاتم بن قبيصة، الذي أرسله المنصور العباسي.
كما أن بعض أسر الخوارج قد حكمت تاهرت لأكثر من 130 عاماً حتى أزالهم عنها الفاطميون. ولعل سر انتشار هذه النحلة بين البربر هو سذاجة هؤلاء وسطحيتهم آنئذٍ، ثم انجذابهم إلى الشعارات البراقة التي كان الخوارج يرفعونها باسم الدين، بالإضافة إلى الظروف الخاصة التي كان يعاني منها البربر.
ولكن هؤلاء البربر أنفسهم قد عادوا إلى التشيع بمجرد ظهور الفاطميين، وكانوا دعامة ملكهم. وإن كان لا يزال البعض منهم يعتنق نحلة الخوارج ويعيشون في بعض المناطق في الشمال الإفريقي حتى الآن.
مفارقات هامة في سياسات الخوارج:
ونجد أن المواقف السياسية للخوارج بعض المفارقات مثل:
ألف ـ ما يذكره البعض: من أنهم قد بايعوا زيد بن علي، حينما ثار على الحكم الأموي، كما أن بعض شعرائهم وهو حبيب بن جدرة الهلالي قد رثاه حينما استشهد. مع أن زيداً هذا هو حفيد علي عليه السلام الذي قتلهم وأباد خضراءهم، وكانت دعوته شيعية علوية خالصة.
ب ـ إن شيبان بن سلمة الخارجي، زعيم الفرقة الشيبانية قد أعان أبا مسلم الخراساني القائم بأمر الدعوة العباسية وابن الكرماني على العامل الأموي نصر بن سيار.
ج ـ إنهم قد أعانوا ابن الزبير أيضاً، حيث قد وجدوا: أن من واجبهم أن يمنعوا حرم الله من الغزو الأموي، فذهبوا إلى ابن الزبير، فأظهر لهم أنه على رأيهم، فقاتلوا معه أهل الشام، ثم امتحنوه فظهر لهم أنه مخالف لهم فتركوه وكان ذلك سنة 64ﻫ.
د ـ قال ابن خلدون: "وولى مروان على العراق النضر بن سعيد الحريشي، وعزل به عبد الله بن عمر بن عبد العزيز، فامتنع عبد الله بالحيرة، وسار إليه النضر وتحاربا أشهراً، وكانت الصفرية مع النضر عصبة لمروان، لطلبه بدم الوليد، وأمه قيسية".
ومن المعلوم: أن الصفرية هم إحدى فرق الخوارج الكبرى ولاسيما في أواخر العهد الأموي.
انحسار دعوة الخوارج وأسبابه:
قد تقدم ما يوضح بعض أسباب انحسار دعوة الخوارج عن مناطق الحركة العلمية، والنشاط الثقافي، والنفوذ والقوة والازدهار ليعيشوا في مناطق نائية حياة فيها الكثير من مظاهر الجهل والقسوة والبداوة، وحرمهم إلى حد كبير من المساهمة في المد الثقافي والعلمي الذي كان يزداد قوة يوماً عن يوم، ثم من التمتع بكثير من الطيبات التي أحلها الله لعباده. حتى أصبحوا في نهاية الأمر لصوصاً سلابين كما أخبر به علي عليه السلام، ونص عليه عدد من المؤرخين والباحثين.
ونؤكد على أن مما ساهم في إنحسار دعوتهم، وتحجيم نشاطهم سرعة تفرقهم، وتشعبهم فرقاً وأحزاباً، بسبب أنهم ـ كما قال علي عليه السلام ـ: " معاشر اخفاء الهام سفهاء الأحلام " الأمر الذي أعطى لأعدائهم الفرصة للاستفادة من هذه الحالة، فكان الملهب يحاول إلقاء الخلاف بينهم، وقد نجح في ذلك إلى حدٍ ما.
ثم هناك تركيبتهم غير المتناسقة، ثم ظروفهم الحياتية وحالتهم الفكرية والثقافية. ثم طبيعة تعاليمهم، التي كانت تنعكس على مواقفهم، وعلى تحركهم السياسي والعسكري، وغير ذلك، وتؤثر في حديتهم فيم واقفهم، وتجعلها تتسم بالعفوية والارتجال، ولا تساعد على التخطيط السري المنظم لها.
هذا كله بالإضافة إلى عدم وضوح كثير من الأمور الدينية لهم، حيث لم يكونوا قادرين على التمييز بين الإيمان والكفر وموجباتهما.
تساهل الخوارج عبر الزمن:
ويلاحظ هنا: أنه كلما طال العهد كلما اتجه الخوارج إلى التخفيف من حدة تعاليمهم وعقائدهم، تبعاً لازدياد معارفهم وإدراكاتهم لضرورات الحياة. حتى لقد تساهلوا في موقفهم بالنسبة لأمير المؤمنين عليه السلام، فقد جنح التناوتي إلى الاعتدال في مسألة الحكم على علي(ع) وهي دائماً من أمهات المسائل عند الإباضية، فإن عمدة ومحور مذهب الخوارج، والمبرر لوجودهم هو تكفير الخليفتين عثمان وعلي عليه السلام. بل لقد نقل لنا بعض الإخوان عن بعض علمائهم في الجزائر: أنهم يظهرون الحب لعلي وآله وينكرون أن يكون ابن ملجم قاتل علي عليه السلام منهم. فإن صح هذا. فإنه يكون تطوراً جديداً وهاماً جداً في مذهب الخوارج.
وإن تساهل الإباضية في كثير من الأمور ـ حتى أننا لا نجد إلا القليل من أوجه الشبه بينهم وبين أسلافهم في الصدر الاول ـ ليفسر لنا بقاءهم على مر الزمن بينما نجد غيرهم من الفرق قد بادوا وانقرضوا بسرعة منذ القرون الأولى. فإن تساهلهم هذا.. قد ساهم طبيعياً في إزالة كثير من نقاط الضعف التي سبقت الإشارة إلى بعضها.
عقائد الإباضية وفقههم:
وما دمنا في الحديث عن فرقة الإباضية، فلا بأس بالإشارة إلى أنه ربما يتصور البعض: أن هذه الفرقة قد تأثرت في عقائدها بالمعتزلة. وذلك لمخالفتها أهل السنة في أصول عقائدية هامة حيث قالت بعدم تجسيم الله تعالى، وبعدم رؤيته تعالى في الآخرة، وعدم قدم القرآن، وعدم القول بالجبر والقدر.
ولكن الحقيقة هي: أن الخوارج لم يتح لهم الاختلاط بالمعتزلة، ولا عايشوا التيارات الفكرية بصورة فعالة، كما أن تفرقهم في البلاد البعيدة عن العواصم الإسلامية قد جعلهم في مأمن من المد العارم لأحاديث الإسرائيليات، وبقوا في تعاملهم مع النصوص على طبعهم العربي الساذج. وهذا يعني: أنهم قد توصلوا إلى آرائهم العقائدية تلك بأنفسهم ومن دون تأثر باحد.
نعم.. نجد في التاريخ: أن عبد الله بن أباض مؤسس الإباضية قد عاد إلى الاعتزال، ولذلك، فإن أصحابه لا يعظمون أمره، وذلك أمر آخر لا يرتبط بهذا الذي نحن بصدده.
ولا تفوتنا الإشارة هنا إلى أن بعض فرق الخوارج كانت تعتقد بالمهدية ـ حسب بعض النصوص ـ وإن كان سائر الفرق قد سكتت عن هذا الأمر وأغفلت التعرض إليه.
وبالنسبة لفقه الإباضية، وغيرهم. فإننا نقول: إن صبغة الخوارج كانت أولاً سياسية، ثم في عهد عبد الملك مزجوا تعاليمهم السياسية بأبحاث عقائدية. وكان الخوارج الأولون يعتمدون على فهمهم الخاص للآيات القرآنية، وعلى استنباطاتهم العقلية المحدودة في مجال التحديات العملية للتصرفات والمواقف التي كانت تفرض نفسها ـ آنياً ـ عليهم. فكانت تلك الاستفادات والاستنباطات سريعة ومرتجلة تتسم بالسطحية، وتهيمن عليها بالميول، والعواطف والأحاسيس ثم لا تلبث أن تتحول إلى مبدأ وعقيدة تزهق من أجلها النفوس وتبذل في سبيلها المهج.
ولكن مما لاشك فيه هو أن كثيراً من فتاواهم وآراءهم كانت جديرة بالاحترام والتقدير، لأنها مأخوذة من السيرة العملية التي كانت رائجة في الصدر الأول، أو نابعة من طبيعتهم البدوية الساذجة والصافية، أو منساقة مع الفهم الفطري للآيات القرآنية، وللسنة النبوية في أحيان كثيرة.
إلا أن التزامهم بالحرفية التامة قد أدى في حالات كثيرة إلى ظهور كثير من السخافات المضحكة، بالإضافة إلى السطحية وقصور النظر ولكن المهم هو أن تلك الآراء والفتاوى الصحيحة عندهم ـ ولم تكن كثرتها كبيرة ـ قد كانت ـ طبيعياً ـ مجرد حالات جزئية منفصلة تماماً عن كل ما سواها فلم يكونوا يملكون تصوراً عاماً، ولا نظرة شمولية، من شأنها ان تعطيهم القدرة على استيعاب المعارف المختلفة وتوجيهها وجهة صحيحة في مجال الاستنتاج وإدراك أبعاد الموضوع، وما يرتبط به. ولعل ذلك يفسر لنا أمر علي عليه السلام لابن عباس بأن "لا تخاصمهم بالقرآن فإنه حمال ذو وجوه".
وبعد.. فإن حدة الخوارج في مواجهة المخالفات كان من شأنه أن يضفي لوناً غير مرغوب فيه، وينفر الناس منهم ومن آرائهم الفقهية حتى الصحيحة منها.
إلا أنه وبسبب اتساع مدارك الخوارج، وإدراكهم طرفاً من ضرورات الحياة ومقتضياتها قد اتجهوا ـ ونخص بالذكر الإباضية منهم ـ نحو التخفيف النسبي من حدة بعض التعاليم والعقائد التي عرفت عنهم. ثم وبسبب بعد بلادهم عن الاهتمامات المباشرة للحكام، ولأنهم قد نعموا بالاستقرار النسبي، فقد أتيحت لهم الفرصة للتأليف في عقائدهم وفقههم، ويذكر ابن خلدون وغيره: إن مؤلفاتهم تلك ضاربة بسهم من إجادة التأليف والترتيب، وبناء الفروع على أصولهم.
الوهابيون.. والخوارج:
وأخيراً.. فلربما نجد صلات وثيقة، وتشابهاً كبيراً بين آراء وشعارات الخوارج، وشكل ونمط الحياة عندهم وبين آراء، وشعارات، وشكل ونمط الحياة لدى الوهابيين ولاسيما بالنسبة لشدتهم على المسلمين، واعتبارهم كفاراً أو بحكمهم. ثم تساهلهم مع غير المسلمين.
ثم ما نشهده من الانسجام التام بين الحكومات الوهابية وبين قوى الاستكبار والاستعمار العالمي، وحميمية العلاقات فيما بينهم. وقبول ذلك لدى عامة الناس لدى ذينك الفريقين؛ ولعله لأنه ينشأ عن رأي مذهبي اعتقادي، لا مناص من احترامه، ولا مفر من تحمل آثاره، وتكريسه على مستوى الحياة والواقع.
ختام:
وبعد.. فإنني أرجو أن أكون قد وفقت لإعطاء صورة موجزة عن الخوارج وحركاتهم وبعض ما يرتبط بوضعهم السياسي والثقافي وبعقائدهم والله أسأل أن يوفقنا ويجمع بالإسلام كلمتنا، إنه ولي قدير.


17 يناير، 2015

((( أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض ))


أشرقت الشمس في ذلك اليوم الجميل وراحت ترسل أشعتها الذهبية على تلك الغابة الخضراء الزاهية، كانت جميع الحيوانات تسعى بنشاط وسعادة لتجمع ما رزقها الله تعالى من الطعام؛ الطيور تنتقل من شجرةٍ إلى أخرى ومن مكان لآخر لتلتقط الحبَّ فرحةً مسرورة.. والسناجب تقفز من غصنٍ إلى آخر لتجمع ثمار الأشجار. وها هم الأصدقاء الثلاثة الثور الأبيض والثور الأحمر والثور الأسود يتناولون من حشائش الأرض وأعشابها مطمئنين فرحين وقد بدت أجسامهم كبيرة وقوية.
لكن أسداً كسولاً ظلَّ يغط في نومٍ عميق ولم يستيقظ إلا بعد أن ارتفعت شمس الضحى عالياً في السماء، نهض من نومه متثاقلاً وتوجه إلى بركة الماء وشرب منها قليلاً ثم شعر بالجوع الشديد لأنه لم يذق الطعام منذ أيام.
ثم وقف يطيل النظر إلى حيوانات الغابة وهي تتحرك هنا وهناك قد غمرتها السعادة، فوقع نظره على الثيران الثلاثة وبدأ يتحدث مع نفسه:
ـ ايه... إن بطني الخالية لا يملؤها إلا هذه الثيران السمينة الشهية، كلما نظرت إليها ازداد جوعي وسال لعابي، ولكن ماذا أفعل؟ أنها قوية ولا تتفارق أبداً ولا أستطيع أن افترسهم ما دامت متحدة!
لا بد أن أدبر حيلةً وأفرقهم، فما أفعل يا ترى؟!
راح الأسد يفكر ويفكر طويلاً، ثم بعد مدةٍ ضحك قائلاً:
ـ وجدتها.. وجدتها ها... ها... ها.
اقترب شيئاً فشيئاً من تلك الثيران القوية وخاطبها قائلاً:
طاب صباحكم يا أصدقائي الثيران الأعزاء.
ـ طاب صباحك أيها الأسد.
ـ ما أجمل صداقتكم وحبكم لبعضكم، أتمنى أن أكون صديقكم.
ـ ونحن نتمنى أن نكون أصدقاءك أيها الأسد
وحينما سمع الأسد هذا الكلام الجميل من تلك الثيران، وقف ينظر إليهم قليلاً، بينما راح الثور الأبيض يبتعد مشغولاً بالأكل، عندها اقترب الأسد من الثور الأسود والثور الأحمر وهو ينظر عن يمينه وشماله حتى لا يراه أحد، وقال بصوت منخفض:
ـ أيها الثور الأسود القوي، يا صديقي الثور الأحمر الشجاع، أريد أن أتحدث إليكما بأمرٍ مهمٍ جدأً، انه سرٌ خطير.
ـ ماذا تقول أيها الأسد، أمر مهم، سرٌ خطير؟!
ـ نعم، إنه أمرٌ تتوقف عليه حياتكم وحياة بقية حيوانات الغابة
ـ ما هو هذا الأمر تكلم أيها الأسد؟
ـ انظرا إلى الثور الأبيض، ما أشد بياضه، وما أكبر جسمه
ـ ماذا تريد أن تقول أيها الأسد؟
ـ أريد أن أقول لكم: إن هذا الثور بلونه الأبيض يجعل غابتنا هدفاً للوحوش والحيوانات المفترسة الأخرى، وأخاف أن تهجم علينا الحيوانات المفترسة إن بقي معنا في الغابة.
ـ وما العمل أيها الأسد؟
ـ عندي حل، ولكن ارجو أن توافقاني عليه.
ـ ما هو الحل أيها الأسد؟
ـ ها... آ... دعونا نتخلص من هذا الثور الأبيض ونرتاح من خطر وجوده معنا.
ـ ولكن... كيف نتخلص منه؟
ـ عندي الطريقة المناسبة.
وبعد لحظاتٍ من الصمت، نظر الثور الأسود إلى صاحبه الثور الأحمر ولم يتكلم أحد منهما، حينها قال الأسد:
يا أصدقائي الأعزاء، إنما أريد أن ادفع الخطر عنكم وعن بقية حيوانات الغابة.
عند ذلك تقدم الثور الأسود وقال:
ـ إن كان ما تقوله صحيحاً ـ أيها الأسد ـ فأنا موافق. ما هو رأيك أيها الثور الأحمر؟
ـ أنا أيضاً لا مانع عندي من ذلك، فوجود الثور الأبيض يعني وجود الخطر في غابتنا.
ابتسم الأسد ابتسامةً ماكرة، وهو ينظر إلى الثور الأبيض من بعيد ويخاطب نفسه قائلاً:
ـ نجحت الخطة. ايه أيها الثور الأبيض السمين استعد للموت ها... ها... ها..
ومضت الأيام ولم يبق في الغابة من الثيران غير الثور الأحمر والثور الأسود بعد أن افترس الأسد الماكر ذلك الثور الأبيض ولم يبق منه إلا العظام. وفي ذات يوم وبينما كان الثور الأسود يأكل في مكان من الغابة والثور الأحمر يأكل في مكان آخر قريب منه، اقترب الأسد الماكر وقال:


ـ طاب صباحك أيها الثور الأسود القوي.
ـ طاب صباحك أيها الأسد
ـ كيف حال صديقك الثور الأحمر هذا اليوم؟
ـ إنه بخير
ـ أيها الثور الأسود، انظر إلى الثور الأحمر، ما أكبر جسمه وأقواه لأنه يأكل العشب الطري الجيد، وأنت لا تأكل إلا العشب الرديء، لذا فإن جسمه يقوى ويكبر بسرعة، واظن انه اقوى منك، وقد قال لي قبل أيام إنه أقوى حيوان في الغابة.
ـ ها... هو قال ذلك؟
ـ نعم، ويقول إني أقوى من صاحبي الثور الأسود واشجع منه
ـ أنت سمعته يقول ذلك أيها الأسد؟
ـ نعم يا صديقي.. نعم
ـ إذن سأذهب إليه، وسترى أيها الأسد من هو الأقوى والأشجع
انطلق الثور الأسود بسرعة نحو الثور الأحمر، وما أن وصل إليه فاجأه بضربةٍ من قرنه القوي فغضب الثور الأحمر لذلك ووجه ضربة مماثلة برأسه الكبير إلى الثور الأسود، واشتد القتال بينهما وما هي إلا ساعة حتى سقط الاثنان وقد غطت أجسامهما الدماء من أثر الجراح، ولم يستطيعا النهوض أو الحركة.
استنجد الثور الاحمر بالاسد ...
وطبعاً لم يجد الاسد فرصة احسن من هذه الفرصة فهجم على الثور الاسود والتهمه
وبعد لحظات جاء الأسد الماكر ووقف عند الثور الاحمر وضحك ضحكةً عالية وقال:
ـ بالأمس كنتم أقوياء لأنكم متحدون ويحب أحدكم الآخر، أما اليوم فقد ذهبت قوتكم لتفرقكم واختلافكم، فأصبحتم فريسةً سهلة لأعدائكم
- عندها ايقن الثور الاحمر الخطأ الذي وقع فيه هو واصدقاءه الثيران

وقال مقولته الشهيرة:

 ((( أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض ))       

النقاب ليس حرية شخصية


حدود عقل الرجعية الدينية منقولاته عن الماضي، وهذا المقال ينقاش النقاب بالحجة، لو أنك من الرجعيين، لا تتعب عقلك بالقراءة والتفكير، بل أنت سترفض كلامي من العنوان، من حيث المبدأ، أنت خاضع لنصوصك، عبد لها هي وصانعيها من الأسلاف، أما إن لم تكن من أهل الرجعية الدينية، أو لو أنك منهم وشئت أن تفكر قليلاً، فأكمل معي.

في منقولات الرجعية الدينية الكثير من الأوامر والنواهي غير المعقولة، على شاكلة: البسي النقاب. هنا ترتدي المرأة النقاب بلا إحم ولا معقول، فإن شاءت الظروف أن يحاورك أحدهم، واضطر في حواره أن يستعمل جزءاً من عقله فقد يقول: أليست هذه هي الحريات التي تتشدقون بها؟! النقاب حرية شخصية كالتبرج والسفور.
وبصرف النظر عن متحفية لفظي التبرج والسفور، وما لوثهما من دلالات بفعل العقل الرجعي، فإن الحجة السابقة غير معقولة، وهذا تفنيدنا لها. هناك الكثير من المقولات السائرة التي تعرف الحرية الشخصية، في بعض هذه التعريفات ما يشير لحدود هذا النوع من الحرية الموصوفة بالشخصية، وتكاد جميع التعريفات تتفق على أن تلك الحدود هي القوانين، وعدم التعدي على حريات الآخرين، ويقال: أنت حر ما لم تضر.
والنقاب زي يغطي الجسم كله، بما فيه الوجه، هناك نوع بخرم واحد لعين واحدة، ونوع بقطعة شاش سوداء كستارة، هذا يذكرنا بالمشربيات التي هي خشب مشغول به ثقوب يرى أهل البيت من خلالها الشارع ومن فيه من المارة، والجيران، العكس لا يحدث، إلا لو تغير الحال وكانت الإضاءة بالداخل أكبر من الخارج، وهنا ترخى الستائر غير المنفذة للضوء والنظر، وبالنسبة لكائن متحرك في الشارع يختلف الأمر كثيراً، هدف المشربية الحصول على الخصوصية بالمنزل، خاصة في منطقة مزدحمة، تتقارب فيها المسافات. فما هي الغاية من النقاب؟!
الغاية هي الإخفاء، والتخفي، كي لا ترى أنت شيئاً من الكائن المنتقب الذي أمامك، إذ اضطر _أو اضطرت_ للخروج من المنزل، فالنقاب علامة اضطرار للخروج، ودال على عقلية تختزل المرأة إلى أداة جنسية منزلية، النقاب تعبير عن الرغبة في حبس المرأة بالمنزل وإقصائها عن الحياة، لولا أن العقل يعمل جزئياً، قوة الحياة تدفع للخروج من أجل العمل والدراسة، وسائر نشاطات الوجود، النقاب تعبير عن رفض لهذه الأنشطة.
يخفي النقاب الشخص كاملاً، لي قريبات منقبات لا أعرفهن، لكنهن يعرفنني، يراك مرتدي النقاب ولا تراه، هذا ليس عدلاً، هو يدقق في ملامحك، ويقرأ نظراتك مع الكلام وأنت ممنوع من ذلك، هذا إن تكلم، فلعله امرأة ترى صوتها عورة، أو رجل يريد ألا ينكشف، ولا يمكنك إلا نادراً أن تتواصل مع نظرات العين، هكذا تفتقد كل أداة للفهم والتواصل، إلا بالكلام، بعض، بل كثير، من المعلمات وموظفات المدارس (والمحال، والدواوين الحكومية) يرتدين النقاب (الأسود غالباً)، وعلى الطفل الاكتفاء بصوت المعلمة، هذا غير تربوي، وإضافة لذلك يطرح الزي على ذهن الطفل أسئلة سابقة لأوانها.
سمعت بامرأة ارتدت النقاب لأن أحدهم صور لقاءاتهما ورفعها في النت، فتريد ألا يراها أحد، ويعرفها، ولعلك سمعت بجرائم عديدة ارتكبت تحت ستر النقاب، يمكن لرجل تقليد صوت المرأة، والتخفى للدخول إلى مكان لا يجوز له أن يكون فيه، أو لتنفيذ جريمة، أو الهرب بعد تنفيذ الجريمة، أو التحايل على كاميرات المراقبة التي توضع في بعض الأماكن لأغراض أمنية. وحين تقف بعيداً تنتظر أن تخرج زوجتك من حمام المول التجاري، وترى منقبة داخلة للحمام فلا ضمانة لزوجتك ولا لك، لعل المنتقبة في حمام السيدات ليست امرأة، أو امرأة تخطط للسرقة، مستغلة التخفي في النقاب. هكذا يعتدي النقاب على حرية الآخرين، ويهدد أمنهم الشخصي.
ومن وجهة أخرى، نحن بلاد حارة، ومتربة، شهور الشتاء فيها قصيرة، وأيامها الباردة قليلة، والنقاب يجعل الجسم كله في صوبة متحركة، وعادة يكون من القماش الأسود، كتعبير _ ربما_ عما يكتنف النفس لدى مرتديه والمروجين له من ظلمات تتصارع فيها الأشباح والمخاوف، التي بها يتم إخضاع عقول أهل الرجعية الدينية، وكمثال التخويف من ظلمة القبر تيمة تتردد كثيرا في أدبياتهم، وهي كتخويف الطفل من غرفة الفئران.
وربما يفضل اللون الأسود للنقاب لأن هناك زعم بأن راية الرسول في حروبه كانت سوداء، واللون الأسود له عندنا دلالات غير سارة، كئيبة، مرتبطة بالموت والحداد (فاللون الأسود في النقاب تذكيربالموت، وتخويف منه)، لهذا لعلك سمعت، كما حدث كثيراً أمامي، أن طفلاً رأى مرتدية للنقاب فخاف منها وجرى كمن رأى عفريتاً أو شبحاً، وربما هذا مما لا يهم أحداً من أهل الرجعية الدينية، ومن يتشدد معهم، كما لا يهمهم أن طبيعة اللون الأسود امتصاص الحرارة، طبيعته الداكنة تجعله لا تظهر فيه الاتساخات كالأقمشة ذات الألوان البيضاء والفاتحة، هذا يجعل المكوث في النقاب كالبقاء في غلاية، المنقبات يعرفن كلامي، وفي هذه الساونا المتحركة، ومع أتربة الشوارع، والعرق، يمكنك توقع ما يعنيه النقاب من هذه الوجهة، كبيئة جيدة للجراثيم والأمراض الجلدية، خاصة الفطريات المعدية.
والعقل الرجعي، النقلي، يقول للمنقبة، أن خنقة الحر في النقاب وكل ما يجلبه عليها النقاب ويعذبها به، حتى صعوبة تناول طعام أو مشروب في الحر، كل ذلك مشقة تزيد الأچر كلما زادت، ولهذا تستعذب المنقبة العذاب، في مازوخية، أو تخضع له بالعقل المقهور أمام المنقولات القديمة، عن الماضي.
وعلاوة على ما سبق جميعه، يعبر النقاب عن سمة في الخطاب الديني الحالي، وهي التضييق والمزايدة، فمنذ ظهر الحجاب، وأقبلت عليه فئة كبيرة من نساء مصر، وما كاد يشيع، حتى ظهر من يزايد بأنه لا يكفي، وظهر الخمار، فظهر من يقول، هذا يكفي، انزل بالإسدال، فظهر من يقول، لا يكفي، ونزلوا بالنقاب، ثم قال البعض بعين واحدة للنقاب، ورأى البعض أن المرأة أصلاً عورة، ولا خروج لها من المنزل.
وهذه السمة المهمة في الخطاب الديني، تتكامل مع سائر السمات، الجالبة للتخلف الذي من أبسط معانيه الفقر. وإذ ترى في الشارع ذلك الكائن البائس المنكود، المقهور، الناقل بلا عقل، السائر في خيمة سوداء اسمها النقاب، فاعلم أن هذه علامة أننا سائرون للهاوية.